الباء موضع عن كقوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع (1) وقال الأخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان، والحر ضد العبد وههنا مجاز عن المتخلص من ربقة رق المطالبة، والوعد والعدة يستعمل في الخير والشر قال الفراء: يقال: وعدته خيرا ووعدته شرا، فان أسقطوا الخير والشر قالوا: في الخير الوعد والعدة، وفى الشر الايعاد والوعيد، فان أدخلوا الباء في الشر جاؤوا بالألف فقالوا: أوعده بالسجن.
المعنى - الذي طولب منه شئ فهو حر متخلص عن رق مطالبة الطالب إياه ثانيا ما لم يعد بأداء ولم يلتزم بايفائه، فإذا وعده والتزم ايفاءه فقد أوقع نفسه في مظنة الرق والعبودية، ثم إذا وفا ما وعده خرج عن تلك المظنة وعاد حريته والا بقي فيها فالأحرى بشأن من يدعى الحرية ان يقضى حاجة الطالب ان قدر، وان لم يقدر لم يعد بالقضاء بل يرده بقول جميل، قال الله تعالى: قول معروف ومغفرة خير من صدقه يتبعها أذى (2).
44 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة.
أقول: الأكبر أفعل التفضيل من الكبر بكسر الكاف والمفضل عليه حقيقة محذوف ههنا تقديره: أكبر كبار الأعداء، للزوم كون المفضل والمفضل عليه مشتركا في أصل المعنى كما قيل في قوله عليه السلام: ان شر الناس عند الله منزلة من أكرمه الناس اتقاء فحشه، تقديره (3): ان شر شرار الناس، والمكيدة مصدر من كاد يكيد كيدا ومكيدة بمعنى المكر.