لهدم الكعبة أتاه عبد المطلب ليسترد منه إبله فقال: تعلمني (1) في مائة بعير وتترك دينك ودين آبائك وقد جئت لهدمه! فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل وان للبيت ربا سيمنعه منك، فرد إليه إبله فانصرف إلى قريش فأخبرهم الخبر فأخذ بحلقة الباب قائلا يا رب لا أرجو لهم سواكا * يا رب فامنع منهم حماكا ان عدو البيت من عاداكا * أمنعهم أن يحربوا قراكا (2) وله أيضا:
اللهم ان المرء يمنع رحلة فامنع رحالك * لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك فانجلى نوره على الكعبة فقال لقومه: انصرفوا فوالله ما انجلى من جبيني هذا النور إلا ظفرت والآن قد انجلى عنه وسجد الفيل له فقال للفيل: يا محمود، فحرك الفيل رأسه، فقال له: تدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك أفتراك فاعل ذلك؟ فقال الفيل برأشه: لا.
وكانت امرأة يقال لها فاطمة بنت مرة قد قرأت الكتب فمر بها عبد الله بن عبد المطلب فقالت: أنت الذي فداك أبوك بمائة من الإبل؟ قال: نعم، فقالت:
هل لك أن تقع علي مرة وأعطيك من الإبل مائة، فنظر إليها وأنشأ:
اما الحرام فالممات دونه * وأحل لا حل فاستبينه فكيف بالامر الذي تبتغينه ومضى مع أبيه فزوجه أبوه آمنة فظل عندها يوما وليلة فحملت بالنبي صلى الله عليه وآله ثم انصرف عبد الله فمر بها فلم يربها حرصا على ما قالت أولا فقال لها عند ذلك مختبرا:
هل لك فيما قلت لي فقلت لا؟ قالت: (قد كان ذلك مرة فاليوم لا) فذهبت كلمتها مثلا ثم قالت: أي شئ صنعت بعدي؟ قال: زوجني أبي آمنة فبت عندها، فقالت:
لله ما زهرية سلبت * ثوبيك ما سلبت وما تدري ثم قالت: رأيت في وجهك نور النبوة فأردت أن يكون في وأبي الله إلا أن يضعه حيث يحب، ثم قالت:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم * أمينة إذ للباه يعتلجان (3) كما غادر المصباح بعد خبوه * فتائل قد ميثت (4) له بدخان