لعيينة بن حصن والحارث بن عوف فأبيا، فقال صلى الله عليه وآله: ان الله تعالى لن يخذل نبيه ولن يسلمه حتى ينجز له ما وعده، فقام صلى الله عليه وآله يدعوهم إلى الجهاد ويعدهم النصر.
وكان الكفار على الخمر والغناء والمدد والشوكة والمسلمون كأن على رؤسهم الطير لمكان عمرو، والنبي جاث على ركبتيه باسط يديه باكية عيناه ينادي بأشجى صوت:
يا صريخ المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين اكشف همي وكربي فقد ترى حالي.
عبد الله بن أوفى: ودعا عليهم وقال: اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب، فابتدر للبراز عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل المخزومي وضرار بن أبي الخطاب ومرداس الفهري. قال الواقدي: ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، حتى وقفوا على الخندق وقالوا: والله هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها، فقال عمرو:
يا لك من مكيدة ما أنكرك * لابد للملهوب من أن يعبرك ثم زعق على فرسه في مضيق فقفز به إلى السبخة بين الخندق وسلع. قال الطبري فخرج علي (ع) في نفر من المسلمين حتى أخذ الثغرة وسلمها إليهم، ثم بارز عمروا وقتله، فبعث المشركون إلى النبي صلى الله عليه وآله يشترون جيفة عمرو بعشرة آلاف، فقال النبي: هو لكم لا نأكل ثمن الموتى.
ابن إسحاق: قتل فيه ستة من المسلمين وثلاثة من المشركين، فنزل: (اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود) السورة. فأرسل النبي صلى الله عليه وآله حذيفة ليأتيه بخبرهم قال حذيفة: فخرجت فإذا أنا بنيران القوم قد طفيت وخمدت، وأقبل جند الله الأعظم ريح شديد فيها الحصى فما ترك لهم نارا إلا أخمدها ولا خباء إلا طرحها ولا رمحا إلا ألقاها حتى جعلوا يتترسون من الحصى وكنت أسمع وقع الحصى في الترسه فصاحوا النجاء النجاء وذهبوا.
أبو الحسين المدايني: لما نعي إلى خنساء قالت: من الذي اجترى عليه؟ قالوا:
على، قالت: قتل الابطال وبارز الاقران وكانت منيته على يد كريم قومه ما سمعت أفخر من هذا يا بني عامر تم أنشأت:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله * لكنت أبكي عليه آخر الأبد لكن قاتله من لا يعاب به * من كان يدعى قديما بيضة البلد وروي عن أختيه كبشة وعمرة وعن ابنته أم كلثوم:
أسدان في ضيق المكر تصاولا * وكلاهما كفو كريم باسل فتخالسا مهج النفوس كلاهما * وسط المذاذ مخاتل ومقاتل