لذلك فأنزل الله المطر قوله: (إذ يغشيكم النعاس) فرأى النبي صلى الله عليه وآله في منامه قلة قريش قوله: (إذ يريكهم الله في منامك قليلا)، فلما التقى الجمعان استحقر كل جيش صاحبه قوله (إذا التقيتم)، وكان المسلمون يخافون فنزل: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة) وقوله (فلا تولوهم الادبار)، فزعم أبو جهل انهم جزر سيوفهم، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحزن وعلي (ع) يقول: لا يخلف الله الميعاد فنزل (يمددكم ربكم) وقوله (إذ يوحي ربك) فساعدهم إبليس على صورة سراقة فلما أدرك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل مع الملائكة نكص إبليس على عقبيه وقال: اني برئ منكم، فكانت الملائكة يضربون فوق الأعناق وفوق البنيان بعدهم، ورمى النبي بقبضة من الحصى في وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فأصاب عين كل واحد منهم فانهزموا فنزل (لقد صدق الله وعده إذ تحسونهم) ووجد ابن مسعود أبا جهل مصروعا من ضربة معاذ ابن عمرو بن عفرا فكان يجز رأسه وهو يقول: يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا، نزل النبي صلى الله عليه وآله على فدك يحاربهم ثم قال لهم: وما يأمنكم ان تكونوا آمنين في هذا الحصن وأمضي إلى حصونكم فأفتحها، فقالوا: انها مقفلة وعليها ما يمنع عنها ومفاتيحها عندنا، فقال صلى الله عليه وآله: ان مفاتيحها دفعت إلي، ثم أخرجها وأراها القوم فاتهموا ديانهم (1) انه صبا إلى دين محمد ودفع المفاتيح إليه فحلف ان المفاتيح عنده وانها في سفط في صندوق في بيت مقفل عليه، فلما فتش عنها ففقدت فقال الديان:
لقد أحرزتها وقرأت عليها من التوراة وخشيت من سحره وأعلم الآن انه ليس بساحر وان أمره لعظيم، فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وقالوا: من أعطاكها؟ قال:
أعطاني الذي أعطى موسى الألواح جبرئيل، فتشهد الديان، ثم فتحوا الباب وخرجوا إلى رسول الله وأسلم من أسلم منهم فأقرهم في بيوتهم وأخذ منهم أخماسهم، فنزل:
(وآت ذا القربى حقه) قال وما هو؟ قال: اعط فاطمة فدكا وهي من ميراثها من أمها خديجة ومن أختها هند بنت أبي هالة، فحمل إليها النبي صلى الله عليه وآله ما اخذ منه وأخبرها بالآية فقالت: لست احدث فيها حدثا وأنت حي أنت أولى بي من نفسي ومالي لك فقال: أكره أن يجعلوها عليك سبة (2) فيمنعوك إياها من بعدي، فقالت: أنفذ فيها أمرك، فجمع الناس إلى منزلها وأخبرهم ان هذا المال لفاطمة ففرقه فيهم وكان كل سنة كذلك وتأخذ منه قوتها فلما دنت وفاته دفعه إليها.