يا ابن مسعود: فمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه، فإن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح، فقيل: يا رسول الله فهل لذلك من علامة؟ فقال:
نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله فمن زهد في الدنيا قصر أمله فيها وتركها لأهلها.
يا ابن مسعود: قول الله تعالى: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " يعني أيكم أزهد في الدنيا إنها دار الغرور ودار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له. إن أحمق الناس من طلب الدنيا، قال الله تعالى: " إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ". وقال تعالى: " وآتيناه الحكم صبيا " يعني الزهد في الدنيا. وقال تعالى لموسى (عليه السلام): " يا موسى لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني من الزهد. يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: " مرحبا بشعار الصالحين.
وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته ".
يا ابن مسعود: انظر قول الله تعالى: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون، وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ". وقوله: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ".
يا ابن مسعود: من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات. ومن خاف النار ترك الشهوات. ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات. ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات.
يا ابن مسعود: إقرأ قول الله تعالى: " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة " الآية.
يا ابن مسعود: إن الله اصطفى موسى بالكلام والمناجاة حتى كان يرى خضرة البقل في بطنه من هزاله وما سأل موسى (عليه السلام) حين تولى إلى الظل إلا طعاما يأكله من الجوع.
يا ابن مسعود: إن شئت نبأتك بأمر نوح [نبي الله] (عليه السلام) إنه عاش ألف سنة