قلت: ومضامين الكتاب كما قال (رحمه الله): من أقوى الشواهد بصحتها، وفي آخره قال (عليه السلام): يا مفضل خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين، ولآلائه من الحامدين، ولأوليائه من المطيعين، فقد شرحت لك من الأدلة على الخلق، والشواهد على صواب التدبر والعمل قليلا من كثير وجزءا من كل، فتدبر، وذكر فيه واعتبر به، فقلت: بمعونتك يا مولاي أقوى على ذلك وأبلغه إن شاء الله تعالى، فوضع يده على صدري فقال: احفظ بمشية الله (ولا تنس) (1) إن شاء الله تعالى، فخررت مغشيا.
فلما أفقت قال: كيف ترى نفسك يا مفضل؟ فقلت: قد استغنيت بمعونة مولاي وتأييده عن الكتاب الذي كتبته، وصار ذلك بين يدي كأنما أقرأه من كفي، فلمولاي الحمد والشكر كما هو أهله ومستحقه، فقال: يا مفضل فرغ قلبك واجمع ذهنك وعقلك وطمأنينتك، فسألقي إليك من علم ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله بينهما، وفيهما من عجائب خلقه، وأصناف الملائكة وصفوفهم ومقاماتهم ومراتبهم إلى سدرة المنتهى، وسائر الخلق من الجن والإنس إلى الأرض السابعة السفلى وما تحت الثرى، حتى يكون ما وعيته جزءا من أجزاء، انصرف إذا شئت مصاحبا مكلوءا فأنت منا بالمكان الرفيع، وموضعك من قلوب المؤمنين موضع الماء من الصدى، ولا تسألن عما وعدتك حتى أحدث لك منه ذكرا (2)، انتهى كلامه الشريف.
ويوجد في بعض الواضع حديث أوله: روي عن الشيخ الثقة الحسين ابن محمد بن علي الحلي، عن الشيخ السعيد أبي عبد الله الحسين بن أحمد، قال: حدثني جعفر بن مالك الفزاري الكوفي، عن عبد الله بن يونس الموصلي،