فقال المفضل: تغدوا عندي، فحبسهم (1) لغدائه، ووجه المفضل إلى أصحابه الذين سعوا بهم، فجاؤوا فقرأ عليهم كتاب أبي عبد الله (عليه السلام) فرجعوا من عنده وحبس المفضل هؤلاء ليتغدوا عنده، فرجع الفتيان، وحمل كل واحد منهم على قدر قدرته ألفا وألفين وأكثر، فحضروا واحضروا ألفي دينار وعشرة آلاف درهم قبل أن يفرغ هؤلاء من الغداء، فقال لهم المفضل: تأمروني أن أطرد هؤلاء من عندي، تظنون أن الله تعالى محتاج إلى صلواتكم وصومكم.
وعن نصر بن الصباح، عن ابن أبي عمير، باسناده أن الشيعة حين أحدث أبو الخطاب ما أحدث، خرجوا إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، فقالوا له: أقم لنا رجلا نفزع إليه من أمر ديننا وما نحتاج إليه من الأحكام، قال: لا تحتاجون إلى ذلك، متى احتاج أحدكم يخرج إلي ويسمع مني وينصرف، فقالوا: لا بد، فقال: قد أقمت عليكم المفضل، اسمعوا منه واقبلوا عنه، فإنه لا يقول على الله ولي إلا الحق.
فلم يأت عليه كثير شئ حتى شنعوا عليه وعلى أصحابه، وقالوا:
أصحابه لا يصلون ويشربون النبيذ، وهم أصحاب الحمام، ويقطعون الطريق، ومفضل يقربهم ويدنيهم (2).
وعن حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن محمد بن حبيب، قال: حدثني بعض أصحابنا من كان عند أبي الحسن الثاني (عليه السلام) جالسا، فلما نهضوا قال لهم:
ألقوا أبا جعفر (عليه السلام) فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إلي وقال: يرحم الله المفضل، إن كان ليكتفي بدون هذا (3).