كانت كذلك غالبا، ولأن أخبارنا خاصة والخاص مقدم الثانية: المراثي المنظومة جائزة عندنا، لما مر، ولأنها نوع من النوح وقد دللنا على جوازه، وقد سمع الأئمة (عليهم السلام) المراثي ولم ينكروها.
الثالثة: لا يعذب الميت بالبكاء عليه سواء كان بكاء مباحا أو محرما كالمشتمل على المحرم، لقوله تعالى: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (1).
واما البخاري ومسلم في خبر عبد الله بن عمر ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (ان الميت ليعذب ببكاء أهله) (2). وفي رواية أخرى: (أن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله) (3). ويروى أن حفصة بكت على عمر، فقال: مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله قال: (ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه) (4) مأول.
قيل وأحسنه: أن الجاهلية كانوا ينوحون ويعدون جرائمه كالقتل وشن الغارات، وهم يظنونها خصالا محمودة، فهو يعذب بما يبكون به عليه (5). ويشكل: ان الحديث ظاهر في المنع عن البكاء بسبب استلزامه عذاب الميت، بحيث ينتفي التعذيب بسبب انتفاء البكاء قضية للعلية، والتعذيب بجرائمه غير منتف بكي عليه أو لا.
وقيل: لأنهم كانوا يوصون بالندب والنياحة، وذلك حمل منهم على المعصية وهو ذنب، فإذا عمل بوصيتهم زيدوا عذابا (6). ورد: بأن ذنب الميت الحمل على الحرام والأمر به، فلا يختلف عذابه بالامتثال وعدمه، ولو كان للامتثال أثر لبقي الاشكال بحاله.
وقيل: لأنهم إذا ندبوه يقال له: أكنت كما يقولون (7). ورد: بأن هذا توبيخ