(فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم) حين قبض النبي (صلى الله عليه وآله) والتغشية التغطية والغشاوة بالكسر الغطاء شبه الخطايا بالليل وأثبت لها الظلمة مكنية وتخييلية أو شبهها بالظلمة والتركيب من باب لجين الماء ووجه التشبيه هو تحير الناس فيها وعدم اهتدائهم إلى المقصود لضرب الحجاب بينهم وبينه (صاروا إمامين داع إلى الله تعالى) أي إلى طريقه وأسباب التقرب منه وهو علي عليه السلام بأمر الله تعالى وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) (وداع إلى النار) أي إلى أسباب الدخول فيها وهو الأول وأخواه فعند ذلك (نطق الشيطان) في النار لحصول رجائه في إضلالهم وكمال ظنه في إغوائهم كما قال عز وجل: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين).
(فعلا صوته) الحادث من أوتار النغمات المنصوبة على طنبور الخيالات، المحركة إلى أنواع الشهوات (على لسان أوليائه) من الجن والإنس ودعاهم إلى الباطل وزينه في قلوبهم فمالوا إليه (وكثر خيله ورجله) الخيل الفرسان والمراد بهم أصحاب الشوكة والقدرة على المكر والخدعة واستعمال الرأي في وضع القوانين الباطلة، والرجل ككتف من لا ظهر له يركبه، والمراد بهم الضعفاء والتابعون لهم في باطلهم (وشارك الشيطان) في المال والولد (من أشركه فيهما) فحملهم على كسب الأموال من طرق الحرام والتصرف فيها فيما لا ينبغي وعلى تحصيل الولد بالسبب الحرام كجعل مال الإمام مهور النساء وقيم السراري وأمثال ذلك، وقد روي «إن أكثر المخالفين من أولاد الزنا» (فعمل بالبدعة وترك الكتاب والسنة) ضمير «عمل» راجع إلى الموصول والعمل بالبدعة مستلزم لتركهما بالضرورة ولذلك قال سيد الوصيين: «ما أحدثت بدعة إلا تركت بها سنة» (ونطق أولياء الله بالحجة) وهم الأوصياء عليهم السلام ومن تبعهم، والمراد بالحجة البرهان الدال على الحق (وأخذوا بالكتاب والحكمة) التي قال الله تعالى في وصفها وتعظيم أهلها: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) وهي في لسان الشرع العلم النافع في الآخرة وقد يطلق على ما هو أعم من ذلك (فتفرق من ذلك اليوم) الذي قبض فيه صلى الله عليه وآله وتركهم (أهل الحق وأهل الباطل) سلك أهل الحق مسلك الحجة والإيمان وأهل الباطل مسلك الرأي والشيطان.
(وتخاذل وتهاون أهل الهدى) فاعل الفعلين على سبيل التنازع والمراد أن أهل الهدى تخاذلوا وتهاونوا وتركوا النصرة والتعاون بينهم ولولا ذلك لما غلب الضلالة عليهم وفيه نوع شكاية من التابعين لعلي (عليه السلام) بعدم نصرتهم له كما مر مثله عنه (عليه السلام) في الخطبة الطالوتية وبعض أهل العلم غير هذه العبارة وقرأ تخادن بالنون وتهادن بالدال والهوى بالواو والظاهر أنه تحريف (وتعاون أهل الضلالة) وتناصروا بمقتضى القوة الشهوية والغضبية والحمية الجاهلية الغالبة في أهل الفساد مع انضمام الوساوس الشيطانية إليها حتى (كانت) أهل الضلالة هي الجماعة.
(مع فلان وأشباهه) أراد به الأول والثاني والثالث وأضرابهم من الخلفاء المضلة وعلمائهم إلى