يا ابن آدم إن أجلك أسرع شئ إليك، قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك (1) ويوشك أن يدركك وكأن قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيدا فرد إليك فيه روحك واقتحم عليك فيه ملكان ناكر ونكير لمسائلتك وشديد امتحانك، ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده وعن نبيك الذي أرسل إليك وعن دينك الذي كنت تدين به وعن كتابك الذي كنت تتلوه وعن إمامك الذي كنت تتولاه، ثم عن عمرك فيما كنت أفنيته، ومالك من أين اكتسبته وفيما أنت أنفقته، فخذ حذرك وانظر لنفسك وأعد الجواب قبل الامتحان والمسائلة والاختبار فإن تك مؤمنا عارفا بدينك، متبعا للصادقين، مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك وأنطق لسانك (2) بالصواب وأحسنت الجواب وبشرت بالرضوان والجنة من الله عز وجل واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ودحضت حجتك وعييت عن الجواب (3) وبشرت بالنار واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم.
واعلم يا ابن آدم إن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، يجمع الله عز وجل فيه الأولين والآخرين ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور (4) وذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين وذلك يوم لا تقال فيه عثرة (5) ولا يؤخذ من أحد فدية ولا تقبل من أحد معذرة ولا لاحد فيه مستقبل توبة، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات، فمن كان من