351 - يحيى الحلبي، عن أبي المستهل (1)، عن سليمان بن خالد قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام) (2) فقال: ما دعاكم إلى الموضع الذي وضعتم فيه زيدا؟ قال: قلت:
(1) الظاهر أنه هو الكميت (آت).
(2) إنما سأله (عليه السلام) ذلك لأنه كان خرج مع زيد ولم يخرج من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) معه غيره ولنذكر بعض أخبار زيد ليتضح مفاد هذا الخبر. روى السدى عن أشياخه أن زيد بن عليومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالبوداود بن علي بن عبد الله بن العباس دخلوا على خالد بن عبد الله القسري وهو وال على العراق فأكرمهم وأجازهم ورجعوا إلى المدينة فلما ولى يوسف عمر العراق وعزل خالد كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بقدومهم على خالد وانه أحسن جوارهم وابتاع من زيد بن علي أرضا بعشرة آلاف دينار ثم رد الأرض إليه فكتب هشام إلى واليه بالمدينة ان يسرحهم إليه ففعل فلما دخلوا عليه سألهم عن القصة فقالوا: اما الجوائز فنعم واما الأرض فلا فأحلفهم فحلفوا له فصدقهم وردهم مكرمين وقال وهب بن منبه: جرت بين زيد بن علي وبين عبد الله ابن الحسن بن الحسن خشونة تسابا فيها وذكرا أمهات الأولاد فقدم زيد على هشام بهذا السبب فقال له هشام: بلغني انك تذكر الخلافة ولست هناك فقال: ولم؟ فقال: لأنك ابن أمة، فقال: قد كان إسماعيل (عليه السلام) ابن أمة فضربه هشام ثمانين سوطا. وذكر ابن سعد عن الواقدي أن زيد بن قدم على هشام، رفع إليه دينا كثيرا وحوائج فلم يقض منها شيئا فاسمعه هشام كلاما غليظا فخرج من عند هشام وقال: ما أحب أحد الحياة إلا ذل ثم مضى إلى الكوفة وبها يوسف بن عمر عامل هشام. قال الواقدي: وكان دينه خمسمائة آلاف درهم، فلما قتل قال هشام: ليتنا قضيناها وكان أهون مما صار إليه. قال الواقدي: وبلغ هشام بن عبد الملك مقام زيد بالكوفة فكتب إلى يوسف بن عمر أن أشخص زيدا إلى المدينة فاني أخاف ان يخرجه أهل الكوفة لأنه حلو الكلام لسن مع ما فيه من قرابة رسول الله، فبعث يوسف بن عمر إلى زيد يأمره بالخروج إلى المدينة وهو يتعلل عليه والشيعة تتردد إليه فأقام زيد بالكوفة خمسة أشهر ويوسف بن عمر مقيم بالحيرة فبعث إليه يقول: لا بد من اشخاصك، فخرج زيد المدينة وتبعة الشيعة يقولون: أين تذهب ومعك منا مائة الف يضربون دونك بسيوفهم ولم يزالوا به حتى رجع إلى الكوفة فبايعه جماعة منهم سلمة بن كهيل ومنصور بن حزيمة في آخرين فقال له داود بن علي: يا ابن أم لا يغرنك هؤلاء من نفسك ففي أهل بيتك لك أتم العبرة وفي خذلانهم إياهم كفاية ولم يزل به حتى شخص إلى القادسية فتبعه جماعة يقولون له: ارجع فأنت المهدي وداود يقول: لا تفعل فهؤلاء قتلوا أخاك واخوتك وفعلوا ما فعلوا فبايعه منهم خمسة عشر ألفا على نصر كتاب الله وسنة رسوله وجهاد الظالمين ونصر المظلومين واعطاء المحرومين ونصرة أهل البيت على عدوهم فأقام مختفيا على هذا سبعة عشر شهرا والناس يتناوبونه من الأمصار والقرى ثم اذن للناس بالخروج فتقاعد عنه جماعة ممن بايعه وقالوا: ان الإمام جعفر بن محمد بن علي فواعد من وافقه على الخروج في أول ليلة من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة فخرج فوفى إليه مائتا رجل وعشرين رجلا فقال: سبحان الله أين القوم؟ فقالوا: في المسجد محسورون وجاء يوسف بن عمر في جموع أهل الشام فاقتتلوا فهزمهم زيد ومن معه فجاء سهم في جبهته فوقع فأدخلوه بيتا ونزعوا السهم من وجهه فمات وجاؤوا به إلى نهر فاسكروا الماء وحفروا له ودفنوه وأجروا عليه الماء وتفرق الناس وتوارى ولده يحيى بن زيد فلما سكن الطلب خرج في نفر من الزيدية إلى الخراسان وجاء واحد ممن حضر دفن زيد إلى يوسف بن عمر فدله على قبره فنبشه وقطع رأسه وبعث إلى هشام فنصبه على باب دمشق ثم أعاده إلى المدينة فنصبه بها ونصب يوسف بدنه بالكوفة حتى ماتهشام بن عبد الملك وقام الوليد فامر به فاحرق. وقيل: إن هشاما أحرقه فلما ظهر بنو العباس على بني أمية نبش عبد الصمد ابن علي وقيل: عبد الله على هشام بن عبد الملك فوجده صحيحا فضربه ثمانين سوطا وأحرقه بالنار كما فعل بزيد وكان سنة يوم قتل اثنين وعشرين ومائة. وقال الواقدي: سنة ثلاث وعشرين ومائة يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر. وقيل: سنة عشرين وقيل: سنة إحدى وعشرين. (آت).