أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحا (عليه السلام) وظهرت وصية هبه الله حين نظروا في وصية آدم (عليه السلام) فوجدوا نوحا (عليه السلام) نبيا قد بشر به آدم (عليه السلام) فآمنوا به واتبعوه وصدقوه وقد كان آدم (عليه السلام) وصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم فيتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وإنما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم وهو قول الله عز وجل: " ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه - إلى آخر الآية - (1) " وكان من بين آدم ونوح من الأنبياء مستخفين ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وهو قول الله عز وجل: " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك (2) " يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء (عليهم السلام).
فمكث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، لم يشاركه في نبوته أحد ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء (عليهم السلام) الذين كانوا بينه وبين آدم (عليه السلام) وذلك قول الله عز وجل: " كذبت قوم نوح المرسلين (3) " يعني من كان بينه وبين آدم (عليه السلام) إلى أن انتهى إلى قوله عز وجل: " وإن ربك لهو العزيز الرحيم (4) " ثم إن نوحا (عليه السلام) لما انقضت نبوته واستكملت أيامه أوحى الله عز وجل إليه أن يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك، فإني لن أقطعهما كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء (عليهم السلام) التي بينك وبين آدم (عليه السلام) ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر وبشر نوح ساما بهود (عليه السلام) وكان فيما بين نوح وهود من الأنبياء (عليهم السلام) (5) وقال نوح: إن الله باعث نبيا يقال له: هود وإنه يدعو قومه إلى الله عز وجل فيكذبونه