الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٣٥٧
لرب لا رب غيره، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا وأخرجنا مما كنا فيه (1) إلى ما صلحنا عليه فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى.
فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل.
فقال: أنت أهل ما قلت والله والله فوق ما قلته فبلاؤه عندنا ما لا يكفر (2) وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا وولاك سياسة أمورنا، فأصبحت علمنا الذي نهتدي به وإمامنا الذي نقتدي به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب، قد قرت بك في الحياة أعيننا و امتلأت من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل (3) عقولنا ولسنا نقول لك: أيها الامام الصالح تزكية لك ولا نجاوز القصد في الثناء عليك ولم يكن (4) في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فنتخوف أن تكون أحدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا أو دخلك كبر ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عز وجل بتوقيرك وتوسعا بتفضيلك وشكرا بإعظام أمرك، فانظر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك وعلينا، فنحن طوع فيما أمرتنا ننقاد من الأمور مع ذلك فيما ينفعنا.
فأجابه أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقال: وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من أموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا

(1) أي من الجهالة وعدم العلم والمعرفة والكمالات التي يسرها الله تعالى لنا ببعثة الرسول (صلى الله عليه وآله) قال ابن أبي الحديد: ليس هذا إشارة إلى خاص نفسه (عليه السلام) لأنه لم يكن كافرا فاسلم ولكنه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم في افناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا. (آت) (2) أي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها وسترها أو لا يجوز كفرانها وترك شكرها. (آت) (3) برع في الشئ فاق أقرانه فيه.
(4) قال المجلسي - رحمه الله -: " لم يكن " على بناء المجهول من كننت الشئ: سترته. أو - بفتح الياء وكسر الكاف - من وكنت الطائر بيضه يكنه إذا حضنه وفي بعض النسخ [لم يكن] وفي النسخة القديمة [لن يكون].
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست