جرى له ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك لله عز وجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه (1) ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم (2) عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا، ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى (3) في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض (4)، فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله عز وجل لكل على كل فجعلها نظام ألفتهم وعزا لدينهم (5) وقواما لسنن الحق فيهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن (6) فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة وظهرت
(٣٥٣)