أحمده بخالص حمده المخزون بما حمده به الملائكة والنبيون، حمدا لا يحصى له عدد ولا يتقدمه أمد (1) ولا يأتي بمثله أحد، أو من به وأتوكل عليه وأستهديه وأستكفيه وأستقضيه بخير وأسترضيه (2).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (صلى الله عليه وآله).
أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار، إنما أنتم فيها كركب عرسوا فأناخوا (3) ثم استقلوا فغدوا وراحوا، دخلوا خفافا وراحوا خفافا (4) لم يجدوا عن مضي نزوعا (5) ولا إلى ما تركوا رجوعا، جد بهم فجدوا وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا حتى إذا أخذ بكظمهم وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم (6) لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر، قل في الدنيا لبثهم وعجل إلى الآخرة بعثهم، فأصبحتم حلولا في ديارهم، ظاعنين على آثارهم والمطايا بكم تسير سيرا، ما فيه أين ولا تفتير، نهاركم بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذهوب (7) فأصبحتم تحكون من حالهم حالا وتحتذون من مسلكهم