بها فلم تهتك عني سترها، ولم تقلدني مكروه شنارها (12) ولم تبد سوأتها لمن يلتمس معايبي من جيرتي وحسدة نعمتك عندي، ثم لم ينهني ذلك عن أن جريت إلى سوء ما عهدت مني.
فمن أجهل مني يا إلهي برشده؟! ومن أغفل مني عن حظه؟! ومن أبعد مني من استصلاح نفسه حين أنفق ما أجريت علي من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك؟! ومن أبعد غورا (13) في الباطل، وأشد إقداما على السوء مني حين أقف بين دعوتك ودعوة الشيطان، فأتبع دعوته على غير عمى مني في معرفة به ولا نسيان من حفظي له؟!
وأنا حينئذ موقن بأن منتهى دعوتك إلى الجنة، ومنتهى دعوته إلى النار.
سبحانك ما أعجب ما أشهد به علي نفسي، وأعدده من مكتوم أمري، وأعجب من ذلك أناتك (14) عني، وإبطاؤك عن معاجلتي وليس ذلك من كرمي عليك، بل تأنيا منك لي، وتفضلا منك علي لأن أرتدع عن معصيتك المسخطة (15) وأقلع عن سيئاتي المخلقة ولأن عفوك عني أحب إليك من عقوبتي.
بل أنا يا إلهي أكثر ذنوبا، وأقبح آثارا، وأشنع أفعالا، وأشد في الباطل تهورا (16) وأضعف عند طاعتك تيقظا، وأقل لوعيدك