من شكرك، ووعدتني عليه من المزيد من لدنك، فسهوت ولهوت وغفلت وأشرت (1) وبطرت (2) وتهاونت، حتى جاء التغير مكان العافية بحلول البلاء، ونزل الضر منزل الصحة بأنواع الأذى وأقبل الفقر بإزالة الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت إليه فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة للذي كنت فيه من اللهو والغرة (3) وتضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة للذي كنت فيه من الزهو (4) والاستطالة، فركبت (5) إلى ما إليه صيرتني، وإن كان الضر قد مسني، والفقر قد أذلني، والبلاء قد جاءني.
فإن يك ذلك يا إلهي من سخطك علي، فأعود بحلمك من سخطك يا مولاي، وإن كنت أردت أن تبلوني فقد عرفت ضعفي وقلة حيلتي، إذ قلت: " إن الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا " (6).
وقلت: " فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن " (7).
وقلت: " إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى " (8).
وقلت " وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما