فقام إسماعيل: فأخرج صحيفة كأنها الصحيفة التي دفعها إلي يحيى بن زيد: فقبلها أبو عبد الله، ووضعها على عينه، وقال:
هذا خط أبي، وإملاء جدي عليهما السلام بمشهد مني.
فقلت: يا بن رسول الله إن رأيت أن أعرضها مع صحيفة زيد ويحيى؟ فأذن لي في ذلك، وقال: قد رأيتك لذلك أهلا.
فنظرت وإذا هما أمر واحد، ولم أجد حرفا منها يخالف ما في الصحيفة الأخرى.
ثم استأذنت أبا عبد الله عليه السلام في دفع الصحيفة إلى ابني عبد الله بن الحسن.
فقال: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " (1) نعم إدفعها إليهما.
فلما نهضت للقائمها، قال لي: مكانك. ثم وجه إلى محمد وإبراهيم فجاءا.
فقال: هذا ميراث ابن عمكما يحيى من أبيه، قد خصكما به دون إخوته، ونحن مشترطون عليكما فيه شرطا.
فقالا: رحمك الله، قل فقولك المقبول.
فقال: لا تخرجا بهذه الصحيفة من المدينة. قالا: ولم ذاك؟
قال: إن ابن عمكما خاف عليها أمرا أخافه أنا عليكما.
قالا: إنما خاف عليها حين علم أنه يقتل.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: وأنتما فلا تأمنا، فوالله إني لاعلم إنكما ستخرجان كما خرج، وستقتلان كما قتل.
فقاما وهما يقولان: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلما خرجا، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا متوكل كيف قال لك يحيى إن عمي محمد بن علي وابنه جعفرا دعوا الناس إلى الحياة ودعوناهم إلى الموت؟