وكل مقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت، فلولا أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك أحد، ولولا أن يصور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال.
فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر المطيع على ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه أعطيت كلا منهما ما لا يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافيت المطيع على ما أنت توليته له بالسواء لأوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك (4) جازيته على المدة القصيرة الفانية (5) بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية.
ثم لم تسمه (6) القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشة في الآلات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك (7) ولو فعلت به ذلك لذهب جميع ما كدح (8) له ولصارت جملة ما سعى فيه جزاء للصغرى من مننك، ولبقي رهنا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟
لا، متى. (9) فهذه يا إلهي حالة (10) من أطاعك، وسبيل من تعبد لك