ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية، ثم لم تسمه (8) القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الآلات (9) التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له، وجملة ما سعى فيه، جزاء للصغرى من أياديك (10) ومننك، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك؟! لا! متى؟
هذا يا إلهي حال من أطاعك، وسبيل من تعبد لك، فأما العاصي أمرك والمواقع (11) نهيك، فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الإنابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك: فجميع ما أخرت عنه من (12) العذاب، وأبطأت به عليه من سطوات النقمة والعقاب، ترك من حقك، ورضى بدون واجبك.
فمن أكرم منك يا إلهي، ومن أشقى ممن هلك عليه؟ لا! من؟
فتباركت أن توصف إلا بالاحسان، وكرمت أن يخاف منك إلا العدل لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من