فإن الله قد أوضح لكم سبيل الحق وأنار طرقه. فشقوة لازمة أو سعادة دائمة. فتزودوا في أيام الفناء (1) لأيام البقاء. فقد دللتم على الزاد وأمرتم بالظعن (2). وحثثتم على المسير. فإنما أنتم كركب وقوف لا يدرون متى يؤمرون بالمسير. ألا فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه، وتبقى عليه تبعته وحسابه (3) عباد الله، إنه ليس لما وعد الله من الخير مترك، ولا فيما نهى عنه من الشر مرغب. عباد الله، احذروا يوما تفحص فيه الأعمال.
ويكثر فيه الزلزال. وتشيب فيه الأطفال اعلموا عباد الله أن عليكم رصدا من أنفسكم (4)، وعيونا من
____________________
بها. والمراد هنا سطوة الخطايا على النفس (1) يريد أيام الدنيا (2) المراد بالظعن المأمور به ههنا السير إلى السعادة بالأعمال الصالحة، وهذا ما حثنا الله عليه. والمراد بالمسير الذي لا ندري متى نؤمر به هو مفارقة الدنيا. والأمر في الأول خطابي شرعي وفي الثاني فعلي تكويني (3) تبعته ما يتعلق به من حق الغير فيه (4) الرصد: يريد به رقيب الذمة وواعظ السر الروحي الذي لا يغفل عن التنبيه ولا يخطئ في الانذار والتحذير حتى لا تكون من مخطئ خطيئة إلا ويناديه من سره مناد يعنفه على ما ارتكب، ويعيبه على ما اقترف، ويبين له وجه الحق فيما فعل. ولا تعارضه علل