157 - ومن خطبة له عليه السلام الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره. وسببا للمزيد من فضله ودليلا على آلائه وعظمته. عباد الله إن الدهر يجري بالباقين كجريه بالماضين. لا يعود ما قد ولى منه، ولا يبقى سرمدا ما فيه. آخر فعاله كأوله. متسابقة أموره (1)، متظاهرة أعلامه. فكأنكم بالساعة تحدوكم حدو الزاجر بشوله. فمن شغل نفسه بغير نفسه تحير في الظلمات، وارتبك في الهلكات. ومدت به شياطينه في طغيانه، وزينت له سيئ أعماله. فالجنة غاية السابقين. والنار غاية المفرطين اعلموا عباد الله أن التقوى دار حصن عزيز. والفجور دار حصن ذليل لا
يمنع أهله ولا يحرز من لجأ إليه (2). ألا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا (3). وباليقين تدرك الغاية القصوى
____________________
(1) تتسابق أمور الدهر، أي مصائبه كأن كلا منها يطلب النزول قبل الآخر فالسابق منها مهلك. والمتأخر لاحق له في مثل أثره. والأعلام هي الرايات كنى بها عن الجيوش وتظاهرها: تعاونها. والساعة: القيامة. وحدوها: سوقها وحثها لأهل الدنيا على المسير للوصول إليها. وزاجر الإبل: سائقها. والشول بالفتح جمع شائلة، وهي من الإبل ما مضى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر (2) لا يحرز، أي لا يحفظ (3) الحمة بضم ففتح في الأصل إبرة الزنبور والعقرب ونحوها تلسع