يبعث، وبقيت له بقية (1) فوعدته أن آتيه بها في مكانه، فنسيت، ثم ذكرت بعد ثلاث، فجئت فإذا هو في مكانه، فقال صلى الله عليه وسلم:
" يا فتى لقد شققت علي، أنا ها هنا منذ ثلاث (2) أنتظرك " وقد عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة اليهود عهدا، أقرهم فيه على دينهم، وأمنهم على أموالهم، بشرط ألا يعينوا عليه المشركين، فنقضوا العهد، ثم اعتذروا، ثم رجعوا فنقضوه مرة أخرى، فأنزل الله عز وجل:
" إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون. الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون " (3) وعاهد ثعلبة ربه على أن يعطي كل ذي حق حقه إذا وسع الله عليه في الرزق، وأغناه من فضله. فلما بسط الله له من رزقه، وأكثر له من المال والثروة، نقض العهد وبخل على عباد الله، فأنزل الله في حقه:
" ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين - فلما آتاهم من فضله بخلوا من وتولوا وهم معرضون - فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون " (4) ولما حضرت الوفاة عبد الله بن عمر، قال:
" إنه خطب إلي ابنتي رجل من قريش. وقد كان مني إليه شبه الوعد.
فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق، أشهدكم أني قد زوجته ابنتي ".
وهو يشير بذلك إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم:
من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان " (5).