ومنهم من أيدها، ومنهم من عارضها ونادى بإلغائها. واستند القائلون بإلغائها إلى الحجج الآتية:
(أولا) أن العقاب حق تملكه الدولة باسم المجتمع الذي تذود عنه، وتقتضيه ضرورة المحافظة عليه وحمايته. والمجتمع لم يهب الفرد الحياة حتى يمكنه أن يحكم بمصادرتها.
(ثانيا) ولان الظروف وسوء الحظ قد يحيطان ببرئ، فيقضى خطأ بإعدامه، وعند ذلك لا يمكن إصلاح هذا الخطأ، إذ لا سبيل إلى ارجاع حياة المحكوم عليه إليه.
(ثالثا) ولأن هذه العقوبة قاسية وغير عادلة.
(رابعا) ولأنها أخيرا غير لازمة، فلم يقم دليل على أن بقاءها يقلل من الجرائم التي تستوجب الحكم بها، ورد القائلون ببقاء عقوبة الاعدام على هذه الحجج:
فقالوا عن الحجة الأولى: " وهي أن المجتمع لم يهب الفرد الحياة حتى يصادر حياته " بأن المجتمع أيضا لم يهب الناس الحرية، ومع ذلك فإنه يحكم بمصادرتها في العقوبات الأخرى المقيدة للحرية. والاخذ بالحجة على إطلاقها يستتبع حتما القول بعدم مشروعية كل عقوبة مقيدة للحرية.
على أن الامر ليس وقفا على التكفير عن خطأ الجاني، ولكنه أيضا للدفاع عن حق المجتمع في البقاء، ببتر كل عضو يهدد كيانه ونظمه، الامر الذي يتحتم معه القول بأن عقوبة الاعدام ضرورة تقتضيها عصمة النفس، والمحافظة على كيان المجتمع.
وقالوا عن الحجة الثانية، وهي: " أن العقوبة تحدث ضررا جسيما لا سبيل لاصلاحه ولا إيقافه - إذا حكم القضاء بها ظلما - " بأن احتمال الخطأ موجود في العقوبات الأخرى، ولا سبيل إلى تدارك ما تم تنفيذه خطأ.
على أن حالات الاعدام خطأ تكاد تكون منعدمة، إذ أن القضاة يتحرجون عادة من الحكم بتلك العقوبة، ما لم تكن أدلة الاتهام صارخة.
وردوا على القول ب " أنها غير عادلة " بأن الجزاء من جنس العمل.
وأما القول بأنها غير لازمة، فمردود عليه بأن وظيفة العقوبة - في الرأي