(3) شرط الصحراء والبعد عن العمران:
واشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك في الصحراء، فإن فعلوا ذلك في البنيان لم يكونوا محاربين، ولان الواجب يسمى حد قطاع الطريق، وقطع الطريق إنما هو في الصحراء، ولان في المصر يلحق الغوث غالبا فتذهب شوكة المعتدين، ويكونون مختلسين، والمختلس ليس بقاطع، ولا حد عليه. وهو قول أبي حنيفة، والثوري، وإسحاق، وأكثر فقهاء الشيعة. وقول الخرقي من الحنابلة، وجزم به في الوجيز.
وذهب فريق آخر إلى أن حكمهم في المصر والصحراء واحد، لان الآية بعمومها تتناول كل محارب.
ولأنه في المصر أعظم ضررا، فكان أولى. ويدخل في هذا العصابات التي تتفق على العمل الجنائي من السلب، والنهب، والقتل.
وهذا مذهب الشافعي، والحنابلة، وأبي ثور. وبه قال الأوزاعي والليث والمالكية، والظاهرية.
والظاهر أن هذا الاختلاف يتبع اختلاف الأمصار. فمن راعى شرط الصحراء نظر إلى الحال الغالبة، أو أخذه من حال زمنه الذي لم يقع فيه مثل ذلك في مصره، وعلى العكس من ذلك من لم يشترط هذا الشرط.
ولذا يقول الشافعي: إن السلطان إذا ضعف ووجدت المغالبة في المصر كانت محاربة. وأما غير ذلك فهو اختلاس عنده.
(4) شرط المجاهرة:
ومن شروط الحرابة المجاهرة بأن يأخذوا المال جهرا، فإن أخذوه مختفين فهم سراق، وإن اختطفوه وهربوا، فهم منتهبون، لا قطع عليهم، وكذلك إن خرج الواحد والاثنان على آخر قافلة، فسلبوا منها شيئا، لأنه لا يرجعون إلى منعة وقوة، وإن خرجوا على عدد يسير فقهروهم، فهم قطاع طريق.
وهذا مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة.
وخالف في ذلك المالكية والظاهرية.
قال ابن العربي المالكي: والذي نختاره أن الحرابة عامة في المصر والقفر،