الثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وابن شبرمة، وسائر فقهاء الكوفيين، وأكثر علماء البصريين، وأبي حنيفة، فإنهم قالوا: بتحريم القليل والكثير من الخمر التي هي من عصير العنب. أما ما كان من الأنبذة من غير العنب، فإنه يحرم الكثير المسكر منه، أما القليل الذي لا يسكر، فإنه حلال.
وهذا الرأي مخالف تمام المخالفة لما سبق من الأدلة.
ومن الأمانة العلمية أن نذكر حجج هؤلاء الفقهاء ملخصين ما قاله ابن رشد في بداية المجتهد. قال:
قال جمهور فقهاء الحجاز (1) وجمهور المحدثين: قليل الأنبذة وكثيرها المسكرة حرام.
وقال العراقيون، وإبراهيم النخعي من التابعين، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وابن شبرمة وأبو حنيفة، وسائر فقهاء الكوفيين، وأكثر علماء البصريين:
إن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه، لا العين.
وسبب اختلافهم تعارض الآثار والأقيسة في هذا الباب.
فللحجازيين في تثبيت مذهبهم طريقتان:
(الطريقة الأولى) الآثار الواردة في ذلك.
(الطريقة الثانية) تسمية الأنبذة بأجمعها خمرا.
فمن أشهر الآثار التي تمسك بها أهل الحجاز ما رواه مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة أنها قالت:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع وعن نبيذ العسل؟ فقال:
" كل شراب أسكر فهو حرام ".
أخرجه البخاري، وقال يحيى بن معين هذا أصح حديث روي عن النبي عليه الصلاة والسلام في تحريم المسكر.
ومنها أيضا ما خرجه مسلم عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:
" كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ".
فهذان حديثان صحيحان: