وذهب بعض أهل العلم أنه لا يخالف عثمان في ذلك أحد من الصحابة.
وهو مذهب يحيى بن سعيد الأنصاري، وحميد بن عبد الرحمن وربيعة، والليث بن سعد، وعبد الله بن الحسين، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، والشافعي في أحد فوليه واختاره المزني من الشافعية وهو إحدى الروايات عن أحمد، وهي التي استقر عليها مذهبه، وهو مذهب أهل الظاهر كلهم، واختاره من الحنفية أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن الكرخي.
قال الشوكاني: إن السكران الذي لا يعقل لا حكم لطلاقه لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام، وقد عين الشارع عقوبته فليس لنا أن نجاوزها برأينا، ونقول يقع طلاقه عقوبة له، فيجمع له بين غرمين.
وقد جرى العمل أخيرا في المحاكم بهذا المذهب، فقد جاء في المرسوم بقانون برقم 25 / لسنة 1929 في المادة الأولى منه:
(لا يقع طلاق السكران والمكره).
(3) طلاق الغضبان:
والغضبان الذي لا يتصور ما يقول، ولا يدري ما يصدر عنه، لا يقع طلاقه لأنه مسلوب الإرادة. روى أحمد وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم وصححه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ".
وفسر الاغلاق بالغضب، وفسر بالاكراه، وفسر بالجنون.
وقال ابن تيمية كما في زاد المعاد: حقيقة الاغلاق أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته. قال:
ويدخل في ذلك طلاق المكره، والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب، وكل ما لا قصد له، ولا معرفة له بما قال، والغضب على ثلاثة أقسام:
1 - ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
2 - ما يكون في مبادئه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه.