فإن هذا نص في نوع من أنواع النفقات: إن الواجب على من عليه النفقة رزق من عليه إنفاقه.
والرزق يشمل ما ذكرناه. ثم ذكر رأي بعض الفقهاء في عدم وجوب ثمن الأدوية، وأجرة الطبيب، لأنه يراد لحفظ البدن، كما لا يجب على المستأجر أجرة إصلاح ما انهدم من الدار. ورجح دخول العلاج في النفقة، وأنه واجب فقال: وقال في الغيث: الحجة أن الدواء لحفظ الروح فأشبه النفقة.
قال: وهو الحق لدخوله تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " ما يكفيك ". وتحت قوله تعالى: " رزقهن ". فإن الصيغة الأولى عامة باعتبار لفظ " ما ". والثانية عامة، لأنها مصدر مضاف. وهي من صيغ العموم.
واختصاصه ببعض المستحقين لا يمنع من الالحاق.
قال: وبمجموع ما ذكرنا، يقرر لك أن الواجب على من عليه النفقة لمن له النفقة، هو ما يكفيه بالمعروف، وليس المراد تفويض أمر ذلك إلى من له النفقة، وأنه يأخذ ذلك بنفسه حتى يرد ما أورده السائل من خشية السرف في بعض الأحوال، بل المراد تسليم ما يكفي على وجه لاسرف فيه، بعد تبين مقدار ما يكفي بإخبار المخبرين، أو تجريب المجربين. وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " بالمعروف، أي: لا بغير المعروف وهو السرف والتقتير.
نعم إذا كان الرجل لا يسلم ما يجب عليه من النفقة. جاز لنا الاذن لمن له النفقة بأن يأخذ ما يكفيه، إذا كان من أهل الرشد، لا إذا كان من أهل السرف والتبذير، فإنه لا يجوز تمكينه من مال من عليه النفقة، لان الله تعالى يقول: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ".
ثم قال: ولكن يجب علينا إذا كان من عليه النفقة متمردا، ومن له النفقة ليس بذي رشد، أن نجعل الاخذ إلى ولي من لأرشد له، أو إلى رجل عدل. انتهى.
ومما يجب لها عليه من النفقة ما تحتاج إليه من المشط والصابون والدهن وسائر ما تتنظف به.