2 - ذلك أن للاسلام رسالة إنسانية عليا كلف المسلمون أن ينهضوا بها، ويقوموا بتبليغها للناس.
وهم لا يستطيعون النهوض بهذه الرسالة إلا إذا كانت لهم دولة قوية، قد توفر لها جميع مقومات الدولة: من الجندية، والعلم، والصناعة، والزراعة والتجارة، وغير ذلك من العناصر التي يتوقف عليها وجود الدولة وبقاؤها مرهوبة الجانب نافذة الكلمة قوية السلطان.
ولا يتم ذلك إلا بكثرة الافراد، بحيث يوجد في كل مجال من مجالات النشاط الانساني عدد وفير من العاملين، ولهذا قيل: " إنما العزة للكاثر ".
وسبيل هذه الكثرة إنما هو الزواج المبكر من جهة، والتعدد من جهة أخرى.
ولقد أدركت الدول الحديثة قيمة الكثرة العددية وآثارها في الانتاج، وفي الحروب، وفي سعة النفوذ، فعملت على زيادة عدد السكان بتشجيع الزواج ومكافأة من كثر نسله من رعاياها لتضمن القوة والمنعة.
ولقد فطن الرحالة الألماني " بول اشميد " إلى الخصوبة في النسل لدى المسلمين، واعتبر ذلك عنصرا من عناصر قوتهم فقال في كتاب " الاسلام قوة الغد " الذي ظهر سنة 1936:
" ان مقومات القوى في الشرق الاسلامي، تنحصر في عوامل ثلاثة:
(أ) في قوة الاسلام " كدين "، وفي الاعتقاد به، وفي مثله، وفي تأخيه بين مختلفي الجنس، واللون، والثقافة.
(ب) وفي وفرة مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الاسلامي الذي يمتد من المحيط الأطلسي، على حدود مراكش غربا إلى المحيط الهادي على حدود أندونيسيا شرقا.
وتمثيل هذه المصادر العديدة لوحدة اقتصادية سليمة قوية والاكتفاء ذاتي لا يدع المسلمين في حاجة مطلقا إلى أوروبا أو غيرها إذا ما تقاربوا وتعاونوا.
(ج) وأخيرا أشار إلى العامل الثالث وهو: خصوبة النسل البشري لدى المسلمين، مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة، ثم قال:
" فإذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتأخى المسلمون على وحدة العقيدة