قال ابن القيم: فتضمن هذا الحكم أمورا:
أن الرجل إذا اشترط لزوجته أن لا يتزوج عليها لزمه الوفاء بالشرط، ومتى تزوج عليها فلها الفسخ.
ووجه تضمن الحديث لذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن ذلك يؤذي فاطمة رضي الله عنها، ويريبها، وأنه يؤذيه صلى الله عليه وسلم ويريبه.
ومعلوم قطعا أنه صلى الله عليه وسلم إنما زوجه فاطمة رضي الله عنها على ألا يؤذيها، ولا يريبها، ولا يؤذي أباها صلى الله عليه وسلم ولا يريبه، وإن لم يكن هذا مشروطا في صلب العقد، فإنه من المعلوم بالضرورة أنه إنما دخل عليه.
وفي ذكره صلى الله عليه وسلم صهره الاخر وثنائه عليه بأنه حدثه فصدقه ووعده فوفى له، تعريض بعلي رضي الله عنه وتهييج له على الاقتداء به، وهذا يشعر بأنه قد جرى منه وعد له بأنه لا يريبها ولا يؤذيها. فهيجه على الوفاء له، كما وفى له صهره الاخر.
فيؤخذ من هذا أن المشروط عرفا كالمشروط لفظا، وأن عدمه يملك الفسخ لمشترطه، فلو فرض من عادة قوم أنهم لا يخرجون نساءهم من ديارهم ولا يمكنون الزوج من ذلك البتة. واستمرت عادتهم بذلك، كان كالمشروط لفظا، وهو مطرد على قواعد أهل المدينة.
وقواعد أحمد رحمه الله، أن الشرط العرفي كاللفظي سواء، ولهذا أوجبوا الأجرة على من دفع ثوبه إلى غسال أو قصار، أو عجينه إلى خباز، أو طعامه إلى طباخ يعملون بالأجرة، أو دخل الحمام واستخدم من يغسله ممن عادته أن يغسل بالأجرة، أنه يلزمه أجرة المثل.
وعلى هذا فلو فرض أن المرأة من بيت لا يتزوج الرجل على نسائهم ضرة، ولا يمكنونه من ذلك، وعادتهم مستمرة بذلك كان كالمشروط لفظا.
وكذلك لو كانت ممن يعلم أنها لا يمكن إدخال الضرة عليها عادة لشرفها، وحسبها، وجلالتها، كان ترك التزوج عليها كالمشروط لفظا.
وعلى هذا فسيدة نساء العالمين، وابنة سيد ولد آدم أجمعين، أحق النساء بهذا، فلو شرطه علي في صلب العقد كان تأكيدا لا تأسيسا، وفي منع علي من