السادس: من قبل دفن أن يصلى عليه، أو صلى عليه بعضهم دون بعض، فيصلون عليه في قبره، على أن يكون الامام في الصورة الثانية ممن لم يكن صلى عليه. وفي ذلك أحاديث 1 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
" مات رجل - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده - فدفنوه بالليل، فلما أصبح أعلموه، فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل، وكانت الظلمة، فكرهنا أن نشق عليك قبره، فأتى قبره فصلى عليه، [قال: فأمنا، وصفنا خلفه]، [وأنا فيهم]، [وكبر أربعا] " أخرجه البخاري (3 / 91 - 92) وابن ماجة (1 / 266) والسياق له، ورواه مسلم (5 / 53 - 56) مختصرا وكذا النسائي (1 / 284) والترمذي (8 / 142) وأبي الجارود في " المنتقى " (266) والبيهقي (3 / 45، 46) والطيالسي (2687) وأحمد (رقم 1962، 2554، 3134)، والزيادة الأولى لهم " وللبخاري وفي رواية (3 / 146، 147 ، 159)، والزيادتان الأخيرتان له وللبيهقي، ولمسلم والنسائي الأخيرة.
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه:
" أن امرأة سوداء كانت تقم (وفي رواية تلتقط الخرق والعيدان من) المسجد، فماتت، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له انها ماتت، فقال: هلا كنتم آذنتموني؟ (قالوا: ماتت من الليل ودفنت، وكرهنا أن نوقظك)، (قال: فكأنهم صغروا أمرها. فقال دلوني على قبرها فدلوه، (فأتى قبرها فصلى عليها) ثم قال:
[قال ثابت (أحد رواة الحديث): عند ذاك أو في حديث آخر]: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل منورها لهم بصلاتي عليهم ".
أخرجه البخاري (1 / 438، 439، 440 - 3 / 159) ومسلم (3 / 56) وأبو داود (2 / 68) وابن ماجة (1 / 465) والبيهقي (4 / 47) والسياق لهما، والطيالسي (2446) وأحمد (2 / 353، 388 / 406) من طريق ثابت البناني عن أبي رافع عنه.
وإنما أثرت السياق المذكور لأن رواية لم ترد في أن الميت امرأة، بينما تردد الراوي عند الآخرين في كونه امرأة أو رجلا، والشك فيه من ثابت أو من أبي رافع كما جزم به الحافظ بن حجر، وترجح عندنا أنه امرأة من وجوه:
الأول: أن اليقين مقدم على الشك.