قلت: وإذا كان هذا مسلما، فالصياح بذلك رؤوس المنائر يكون نعيا من باب أولى، ولذلك جز منابه في الفقرة التي قبل هذه، وقد يقترن به أمور أخرى هي في ذاتها محرمات أخر، مثل أخذ الأجرة على هذا الصياح! ومدح الميت بما يعلم أنه ليس كذلك، كقولهم: " الصلاة على فخر الأماجد المكرمين، وبقية السلف الكرام الصالحين.. "!
24 - ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الامراء عليكم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصاري، فوثب جعفر فقال:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا، قال: امضه فإنك لا تدري أي ذلك خير، فانطلقوا، فلبثوا ما شاء الله، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، وأمر أن ينادي الصلاة ب جامعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناب خير، أو ثاب خير - شك عبد الرحمن - يعني ابن مهدي) -، ألا أخبر كم عن جيشكم هذا الغازي؟
إنهم انطلقوا فلقوا العدو، فأصيب زيد شهيدا، فاستغفروا له - فاستغفر له الناس - ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، فشد على القوم حتى قتل شهيدا، أشهد له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا، فاستغفروا له، ثم أخذا اللواء خالد بن الوليد - ولم يكن من الامراء، هو أمر نفسه - ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه فقال: اللهم هو سيف من سيوفك، فانصره - فمن يومئذ سمي خالد سيف الله - ثم قال: انفروا فأمدوا إخوانكم، ولا يتخلفن أحد: فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا ".
أخرجه أحمد (5 / 299، 300 - 301) وإسناده حسن.
وفي الباب عن أبي هريرة وغيره في قوله صلى الله عليه وسلم لما نعي للناس النجاشي: " استغفروا لأخيكم " وسيأتي في المسألة (60) ص 87 - 88 (1)