(قدم النبي (ص) المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا متقلدي السيوف كأني أنظر إلى النبي (ص) على راحلته وأبو بكر ردفه، وملا من بني النجار حوله، حتى أتى بفناء أبي أيوب، وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، وكان أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملا من بنى النجار، فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه قبور المشركين، وخرب ونخل، فأمر النبي (ص) بقبور المشركين فنبشت، ثم بالحرب فسويت، وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعل عضاديته الحجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون، والنبي (ص) معهم، وهو يقول، [وهو ينقل اللبن:
هذا الحمال (1) لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر] اللهم لا خير إلا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة.
وفي رواية من حديث عائشة رضي الله عنها:
اللهم إن الاجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة).
أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس، والسياق له، والبخاري من حديث عائشة، وما بين القوسين من حديثها، وقد أخرجت الحديثين في (الثمر المستطاب).
قال الحافظ في (الفتح):
(وفي الحديث جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع، وجواز نبش القبور الدارسة إذا لم تكن محترمة، وجواز الصلاة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها وجواز بناء المساجد في أماكنها).