ويستفاد من الحديث:
1 - حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها، قال الإمام الشافعي في (الام) (1 / 245):
(أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع! لان أدفن في غيره أحب ألي، إنما هو أحد رجلين، إما ظالم، فلا أحب أن أكون في جواره، وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه، قال: وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن).
وقال النووي في (المجموع) (5 / 303) ما مختصره:
(ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق (في المسألة 109)، ومختصره: أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه. ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض. ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها:
قلت: ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات الاسلامية من درس بعض المقابر الاسلامية ونبشها من أجل التنظيم العمراني، دون أي مبالاة بحرمتها، أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر عظامها ونحو ذلك. ولا يتوهمن من أحد، أن التنظيم المشار إليه يبرر مثل هذه المخالفات، كلا، فإنه ليس من الضروريات، وإنما هي من الكماليات التي لا يجوز بمثلها الاعتداء على الأموات، فعلى الاحياء أن ينظموا أمورهم، دون أن يؤذوا موتاهم.
ومن العجائب التي تلفت النظر، أن ترى هذه الحكومات تحترم الأحجار والأبنية القائمة على بعض الموتى أكثر من احترامها للأموات أنفسهم. فإنه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم بعض هذه الأبنية من القباب أو الكنائس ونحوها تركتها على حالها، وعدلت من أجلها خارطة التنظيم إبقاء عليها، لأنهم يعتبرونها من الآثار القديمة!