(وتقوى الله، فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن الزيارة).
فصحيح لو كان عند المرأة علم بنهي النساء عن الزيارة وأنه استمر ولم ينسخ، فحينئذ يثبت قوله: (ومن جملتها النهي عن الزيارة) أما وهذا غير معروف لدينا فهو استدلال غير صحيح، ويؤيده أنه لو كان النهي لا يزال مستمرا لنهاها رسول الله (ص) عن الزيارة صراحة وبين ذلك لها، ولم يكتف بأمرها بتقوى الله بصورة عامة، وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى.
120 - لكن لا يجوز لهن الاكثار من زيارة القبور والتردد عليها، لان ذلك قد يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة، من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة، وتضييع الوقت في الكلام الفارغ، كما هو مشاهد اليوم في بعض، البلاد الاسلامية، وهذا هو المراد - إن شاء الله - بالحديث المشهور:
(لعن رسول الله (ص) (وفي لفظ: لعن الله) زوارات القبور).
وقد روي عن جماعة من الصحابة: أبو هريرة، حسان بن ثابت، وعبد الله ابن عباس.
1 - أما حديث أبي هريرة، فهو من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه.
أخرجه الترمذي (2 / 156 - تحفة) وابن ماجة (1 / 478) وابن حبان (789) والبيهقي (4 / 78) والطيالسي (1 / 171 - ترتيبه) وأحمد (2 / 337)، واللفظ الاخر للطيالسي والبيهقي، وقال الترمذي:
(حديث حسن صحيح، وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي في زيارة القبور. فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء. وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور في النساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن).
قلت: ورجال إسناد الحديث ثقات كلهم، غير أن في عمر بن أبي سلمة كلاما لعل حديثه لا ينزل به عن مرتبة الحسن، لكن حديثه هذا صحيح لما له من الشواهد الآتية.
2 - وأما حديث حسان بن ثابت، فهو من طريق عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن ثابت عن أبيه به.