أقول: لا مخالفة، بل غايته أنه تخصيص لاطلاق الأول أنه ليس فيه أن هذه الحيلة باطلة، بل أن صحتها مبنية على ما إذا وافقهما الشفيع على عدم معرفة الفلوس، فإن كان يعلمها وادعى ذلك فقد بطلت الحيلة لعدم الجهالة المانعة من حكم الحاكم، ويدل على هذا التخصيص نفس كلام المضمرات حيث علل السقوط بها بأن الشفيع يأخذ المبيع بمثل الثمن أو قيمته، وهنا يعجز القاضي عن القضاء بهما جميعا بسبب الجهالة.
وقال الرملي: ظاهر ما في الظهيرية أن الشفيع لا يحلف على ما زعم، لان المتبايعين لم يدعيا قدرا معينا أنكره الشفيع، بل اتفقا على أنهما لا يعلمان قدر الثمن، فلا يقال: إنه منكر فلا يحلف. وبهذا علم أن هذه الحيلة إنما تتم لو وافقهما الشفيع على عدم المعرفة، ويشير إليه قولهم لتعذر الحكم، فتأمل اه. وهو عين ما قلناه. قوله: (وما في المتون) كالغرر والشروح كالمضمرات فإنه شرح علي القدوري، وقوله مقدم خبر ما وذلك لان مسائل المتون هي المنقولة عن أئمتنا الثلاثة أو بعضهم وكذلك الشروح، بخلاف ما في الفتاوى فإنه مبني على وقائع تحدث لهم ويسألون عنها وهم من أهل التخريج، فيجيب كل منهم بحسب ما يظهر له تخريجا على قواعد المذهب إن لم يجد نصا، ولذا ترى في كثير منها اختلافا، ومعلوم أن المنقول عن الأئمة الثلاثة ليس كالمنقول عمن بعدهم من المشايخ، ولا يخفى عليك أن مسألتنا هذه ليست كذلك، فإنها لم تذكر في المتن التي شأنها كذلك كمختصر القدوري و الهداية والكنز والوقاية والنقاية والمجمع والملتقى والمواهب والاصلاح. وقد قال في المنح:
ولم أقف على هذه الحيلة في غير الكتاب المذكور: يعني الدرر والغرر، ثم رأيتها في المضمرات اه.
وذكرها في المضمرات لا يدل على أنها منقولة عن أئمة المذهب حتى تترجح على ما في الفتاوى، كيف وكثير من الشروح كالنهاية وغيرها ينقلون عن أصحاب الفتاوى فيحتمل أنه نقلها عنهم أيضا، فتأمل منصفا. قوله: (وقدمنا إلخ) هذه ذكرها الرملي عن حاوي الزاهي من جملة الحيل.
أقول: ولا شبهة في أنه لا يحل فعلها وأنها مضرة لفاعلها في دينه بمباشرة العقد الفاسد وفي دنياه إذا طلب الشفيع بعد ما سقط الفسخ ببناء ونحوه. قوله: (ذكره البزازي) أقول: ما اقتصر عليه البزازي لا يصح مسقطا، إذ لو سكت الشفيع أو قال لا أشتري لا تسقط شفعته. وعبارة النهاية:
وذلك أن يقول المشتري للشفيع أنا أبيعها منك بما أخذت فلا فائدة لك في الاخذ فيقول الشفيع نعم أو يقول اشتريت فتبطل شفعته اه.
أقول: ومنها أن يشتري منه الشفعة أو يصالحه عليها بمال فإنها تبطل ويسترد المال كما تقدم.
قوله: (ويفتى بقول أبي يوسف في الشفعة) بل نقل في النهاية أن منهم من قال: إنه لا خلاف فيها.
وفي البزازية: وإن قبل الثبوت لا بأس به عدلا كان: يعني الشفيع، أو فاسقا في المختار لأنه ليس