بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٨٠
السماوات والأرض حنيفا مسلما اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر وروى عن الحسن بن المعتم الكناني قال خرجت مع سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الأضحى إلى عيد فلما صلى قال يا قنبر ادن منى أحد الكبشين فاخذ بيده فأضجعه ثم قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين بسم الله اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل من على فذبحه ثم دعا بالثاني ففعل به مثل ذلك ويستحب أن يجرد التسمية عن الدعاء فلا يخلط معها دعاء وإنما يدعو قبل التسمية أو بعدها ويكره حالة التسمية (وأما) الذي يرجع إلى الأضحية فالمستحب أن يكون أسمنها وأحسنها وأعظمها لأنها مطية الآخرة قال عليه الصلاة والسلام عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم ومهما كانت المطية أعظم وأسمن كانت على الجواز على الصراط أقدر وأفضل الشاء أن يكون كبشا أملح أقرن موجوءا لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين موجوأين عظيمين سمينين والأقرن العظيم القرن والأملح الأبيض وروى عليه الصلاة والسلام أنه قال دم العفراء يعدل عند الله مثل دم السوداوين وان أحسن اللون عند الله البياض والله خلق الجنة بيضاء والموجوء قيل هو مدقوق الخصيتين وقيل هو الخصي كذا روى عن أبي حنيفة رحمه الله فإنه روى عنه أنه سئل عن التضحية بالخصي فقال ما زاد في لحمه أنفع مما ذهب من خصيتيه (وأما) الذي يرجع إلى وقت التضحية فالمستحب هو اليوم الأول من أيام النحر لما روينا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أولها أفضلها ولأنه مسارعة إلى الخير وقد مدح الله جل شأنه المسارعين إلى الخيرات السابقين لها بقوله عز شأنه أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون وقال عز شأنه وسارعوا إلى مغفرة من ربكم أي إلى سبب المغفرة ولان الله جل شأنه أضاف عباده في هذه الأيام بلحوم القرابين فكانت التضحية في أول الوقت من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل شأنه والمستحب أن تكون بالنهار ويكره أن تكون بالليل لما ذكرنا في كتاب الذبائح والصيود وأفضل وقت التضحية لأهل السواد ما بعد طلوع الشمس لان عنده يتكامل آثار أول النهار والله عز وجل أعلم (وأما) الذي يرجع إلى آلة التضحية فما ذكرنا في كتاب الذبائح وهو أن تكون آلة الذبح حادة من الحديد (وأما) الذي هو بعد الذبح فالمستحب أن يتربص بعد الذبح قدر ما يبرد ويسكن من جميع أعضائه وتزول الحياة عن جميع جسده ويكره أن ينخع ويسلخ قبل أن يبرد لما ذكرنا في كتاب الذبائح ولصاحب الأضحية أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى فكلوا منها ولأنه ضيف الله جل شأنه في هذه الأيام كغيره فله أن يأكل من ضيافة الله عز شأنه وجملة الكلام فيه ان الدماء أنواع ثلاثة نوع يجوز لصاحبه أن يأكل منه بالاجماع ونوع لا يجوز له أن يأكل منه بالاجماع ونوع اختلف فيه فالأول دم الأضحية نفلا كان أو واجبا منذورا كان أو واجبا مبتدأ والثاني دم الاحصار وجزاء الصيد ودم الكفارة الواجبة بسبب الجناية على الاحرام كحلق الرأس ولبس المخيط والجماع بعد الوقوف بعرفة وغير ذلك من الجنايات ودم النذر بالذبح والثالث دم المتعة والقران فعندنا يؤكل وعند الشافعي رحمه الله لا يؤكل وهي من مسائل المناسك ثم كل دم يجوز له أن يأكل منه لا يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح إذ لو وجب عليه التصدق لما جاز له أن يأكل منه وكل دم لا يجوز له أن يأكل منه يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح إذ لو لم يجب لأدى إلى التسييب ولو هلك اللحم بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين جميعا أما في النوع الأول فظاهر وأما في الثاني في فلانه هلك عن غير صنعه فلا يكون مضمونا عليه وان استهلكه بعد الذبح إن كان من النوع الثاني يغرم قيمته لأنه أتلف مالا متعينا للتصدق به فيغرم قيمته ويتصدق بها وإن كان من النوع الأول لا يغرم شيئا ولو باعه نقذ بيعه سواء كان من النوع الأول أو الثاني فعليه أن يتصدق بثمنه ويستحب له أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى عز شأنه فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته ويطعم منه غيره وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال لغلامه قنبر حين ضحى بالكبشين
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306