السماوات والأرض حنيفا مسلما اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر وروى عن الحسن بن المعتم الكناني قال خرجت مع سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الأضحى إلى عيد فلما صلى قال يا قنبر ادن منى أحد الكبشين فاخذ بيده فأضجعه ثم قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين بسم الله اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل من على فذبحه ثم دعا بالثاني ففعل به مثل ذلك ويستحب أن يجرد التسمية عن الدعاء فلا يخلط معها دعاء وإنما يدعو قبل التسمية أو بعدها ويكره حالة التسمية (وأما) الذي يرجع إلى الأضحية فالمستحب أن يكون أسمنها وأحسنها وأعظمها لأنها مطية الآخرة قال عليه الصلاة والسلام عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم ومهما كانت المطية أعظم وأسمن كانت على الجواز على الصراط أقدر وأفضل الشاء أن يكون كبشا أملح أقرن موجوءا لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين موجوأين عظيمين سمينين والأقرن العظيم القرن والأملح الأبيض وروى عليه الصلاة والسلام أنه قال دم العفراء يعدل عند الله مثل دم السوداوين وان أحسن اللون عند الله البياض والله خلق الجنة بيضاء والموجوء قيل هو مدقوق الخصيتين وقيل هو الخصي كذا روى عن أبي حنيفة رحمه الله فإنه روى عنه أنه سئل عن التضحية بالخصي فقال ما زاد في لحمه أنفع مما ذهب من خصيتيه (وأما) الذي يرجع إلى وقت التضحية فالمستحب هو اليوم الأول من أيام النحر لما روينا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أولها أفضلها ولأنه مسارعة إلى الخير وقد مدح الله جل شأنه المسارعين إلى الخيرات السابقين لها بقوله عز شأنه أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون وقال عز شأنه وسارعوا إلى مغفرة من ربكم أي إلى سبب المغفرة ولان الله جل شأنه أضاف عباده في هذه الأيام بلحوم القرابين فكانت التضحية في أول الوقت من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل شأنه والمستحب أن تكون بالنهار ويكره أن تكون بالليل لما ذكرنا في كتاب الذبائح والصيود وأفضل وقت التضحية لأهل السواد ما بعد طلوع الشمس لان عنده يتكامل آثار أول النهار والله عز وجل أعلم (وأما) الذي يرجع إلى آلة التضحية فما ذكرنا في كتاب الذبائح وهو أن تكون آلة الذبح حادة من الحديد (وأما) الذي هو بعد الذبح فالمستحب أن يتربص بعد الذبح قدر ما يبرد ويسكن من جميع أعضائه وتزول الحياة عن جميع جسده ويكره أن ينخع ويسلخ قبل أن يبرد لما ذكرنا في كتاب الذبائح ولصاحب الأضحية أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى فكلوا منها ولأنه ضيف الله جل شأنه في هذه الأيام كغيره فله أن يأكل من ضيافة الله عز شأنه وجملة الكلام فيه ان الدماء أنواع ثلاثة نوع يجوز لصاحبه أن يأكل منه بالاجماع ونوع لا يجوز له أن يأكل منه بالاجماع ونوع اختلف فيه فالأول دم الأضحية نفلا كان أو واجبا منذورا كان أو واجبا مبتدأ والثاني دم الاحصار وجزاء الصيد ودم الكفارة الواجبة بسبب الجناية على الاحرام كحلق الرأس ولبس المخيط والجماع بعد الوقوف بعرفة وغير ذلك من الجنايات ودم النذر بالذبح والثالث دم المتعة والقران فعندنا يؤكل وعند الشافعي رحمه الله لا يؤكل وهي من مسائل المناسك ثم كل دم يجوز له أن يأكل منه لا يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح إذ لو وجب عليه التصدق لما جاز له أن يأكل منه وكل دم لا يجوز له أن يأكل منه يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح إذ لو لم يجب لأدى إلى التسييب ولو هلك اللحم بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين جميعا أما في النوع الأول فظاهر وأما في الثاني في فلانه هلك عن غير صنعه فلا يكون مضمونا عليه وان استهلكه بعد الذبح إن كان من النوع الثاني يغرم قيمته لأنه أتلف مالا متعينا للتصدق به فيغرم قيمته ويتصدق بها وإن كان من النوع الأول لا يغرم شيئا ولو باعه نقذ بيعه سواء كان من النوع الأول أو الثاني فعليه أن يتصدق بثمنه ويستحب له أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى عز شأنه فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير وروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته ويطعم منه غيره وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال لغلامه قنبر حين ضحى بالكبشين
(٨٠)