التحرز عنه لقوله تبارك وتعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه والذبح مضمر فيه معناه ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من الذبائح ولا يتحقق ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة الا وقت الذبح وكذا قيل في تأويل الآيتين الأخريين أن الذبح مضمر فيهما أي فكلوا مما ذبح بذكر اسم الله عليه ومالكم ألا تأكلوا مما ذبح بذكر اسم الله تعالى عليه فكان وقت التسمية الاختيارية وقت الذبح (وأما) الذكاة الاضطرارية فوقتها وقت الرمي والارسال لا وقت الإصابة لقول النبي عليه الصلاة والسلام لعدي بن حاتم رضي الله عنه حين سأله عن صيد المعراض والكلب إذا رميت بالمعراض وذكرت اسم الله عليه فكل وقوله عليه أي على المعراض والكلب ولا تقع التسمية على السهم والكلب الا عند الرمي والارسال فكان وقت التسمية فيها هو وقت الرمي والارسال والمعنى هكذا يقتضى وهو أن التسمية شرط والشرائط يعتبر وجودها حال وجود الركن لان عند وجودها يصير الركن علة كما في سائر الأركان مع شرائطها هو المذهب الصحيح على ما عرف في أصول الفقه والركن في الذكاة الاختيارية هو الذبح وفى الاضطرارية هو الجرح وذلك مضاف إلى الرمي والمرسل وإنما السهم والكلب آلة الجرح والفعل يضاف إلى مستعمل الآلة لا إلى الآلة لذلك اعتبر وجود التسمية وقت الذبح والجرح وهو وقت الرمي والارسال ولا يعتبر وقت الإصابة في الذكاة الاضطرارية لان الإصابة ليست من صنع العبد لا مباشرة ولا سببا بل محض صنع الله عز وجل يعنى به مصنوعه هو مذهب أهل السنة والجماعة وهي المسألة المعروفة بالمتولدات وهذا لان فعل العبد لابد وأن يكون مقدور العبد ومقدور العبد ما يقوم بمحل قدرته وهو نفسه وذلك هو الرمي السابق والارسال السابق فتعتبر التسمية عندهما على أن الإصابة قد تكون وقد لا تكون فلا يمكن ايقاع التسمية عليها وعلى هذا يخرج ما روى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه قال لو أن رجلا أضجع شاة ليذبحها وسمى ثم بدا له فأرسلها وأضجع أخرى فذبحها بتلك التسمية لم يجزه ذلك ولا تؤكل لعدم التسمية على الذبيحة عند الذبح ولو رمى صيدا فسمى فأخطأ وأصاب آخر فقتله فلا بأس بأكله وكذلك إذا أرسل كلبا على صيد فأخطأ فأخذ غير الذي أرسله عليه فقتله لوجود التسمية على السهم والكلب عند الرمي والارسال وذكر في الأصل أرأيت الذابح يذبح الشاتين والثلاثة فيسمى على الأولى ويدع التسمية على غير ذلك عمدا قال يأكل الشاة التي سمى عليها ولا يأكل ما سوى ذلك لما بينا ولو أضجع شاة ليذبحها وسمى عليها ثم ألقى السكين وأخذ سكينا آخر فذبح به يؤكل لان التسمية في الذكاة الاختيارية تقع على المذبوح لا على الآلة والمذبوح واحد فلا يعتبر اختلاف الآلة بخلاف ما إذا سمى على سهم ثم رمى بغيره انه لا يؤكل لان التسمية في الذكاة الاضطرارية تقع على السهم لا على المرمى إليه وقد اختلف إليهم فالتسمية على أحدهما لا تكون تسمية على الاخر ولو أضجع شاة ليذبحها وسمى عليها فكلمه انسان فأجابه أو استسقى ماء فشرب أو أخذ السكين فإن كان قليلا ولم يكثر ذلك منه ثم ذبح على تلك التسمية تؤكل وان تحدث وأطال الحديث أو أخذ في عمل آخر أو حد شفرته أو كانت الشاة قائمة فصرعها ثم ذبح لا تؤكل لان زمان ما بين التسمية والذبح إذا كان يسيرا لا يعتد به لأنه لا يمكن التحرز عنه فيلحق بالعدم ويجعل كان سمى مع الذبح وإذا كان طويلا يقع فاصلا بين التسمية والذبح فيصير كأنه سمى في يوم وذبح في يوم آخر فلم توجد التسمية عند الذبح متصلة به ولو سمى ثم انقلبت الشاة وقامت من مضجعها ثم أعادها إلى مضجعها فقد انقطعت التسمية وعلى هذا يخرج ما إذا رمى صيدا ولم يسم متعمدا ثم سمى بعد ذلك أو أرسل كلبا وترك التسمية متعمدا فلما مضى الكلب في تبع الصيد سمى أنه لا يؤكل لان التسمية لم توجد وقت الرمي والارسال وكذا لو مضى الكلب إلى الصيد فزجره وسمى وانزجر بزجره انه لا يؤكل أيضا وفرق بين هذا وبين ما إذا تبع الكلب الصيد بنفسه من غير أن يرسله أحد ثم زجره مسلم انه ان انزجر بزجره فأخذ الصيد فقتله يؤكل وان لم ينزجر لا يؤكل (ووجه) الفرق نذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى ولو رمى أو ارسل وهو مسلم ثم ارتد أو كان حلالا فأحرم قبل الإصابة وأخذ الصيد يحل ولو كان مرتدا ثم أسلم وسمى لا يحل لان المعتبر وقت الرمي
(٤٩)