يكون أحدهما بدلا عن الآخر (وأما) مصرف الكسوة فمصرفها هو مصرف الطعام وقد ذكرناه (وأما) التحرير فلجوازه عن التكفير شرائط تختص به (فمنها) ملك الرقبة حتى لو أعتق انسان عبده عن كفارة الغير لا يجوز وان أجاز ذلك الغير لان الاعتاق وقع عنه فلا توقف على غيره وكذا لو قال لغيره أعتق عبدك عن كفارتي فأعتق لم يجز عن كفارته وعتق العبد ولو قال أعتق عبدك على ألف درهم عن كفارة يميني فأعتقه أجزأه عند أصحابنا الثلاثة لان العتق يقع عن الآخر وعند زفر رحمه الله لا يجزيه لان العتق عن المأمور ولو قال أعتق عبدك عنى عن كفارة يميني ولم يذكر البدل لم يجزه عن الكفارة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لان العتق يقع عن الآمر والمسألة قد مرت في كتاب الولاء فرق بين هذا وبين الكسوة والاطعام ان هناك يجزيه عن الكفارة وان لم يذكر البدل وعن الاعتاق لا يجوز عندهما (ووجهه) أن التمليك بغير بدل هبة ولا جواز لها بدون القبض ولم يوجد القبض في الاعتاق ووجد في الاطعام والكسوة لان قبض الفقير يقوم مقام قبض المكفر (ومنها) أن تكون الرقبة كاملة للمعتق وهو أن تكون كلها ملك المعتق وان شئت قلت ومنها حصول كمال العتق للرقبة بالاعتاق لان التحرير المطلق مضافا إلى الرقبة لا يتحقق بدونه وعلى هذا يخرج ما إذا أعتق عبدين بينه وبين رجل انه لا يجزئه عن الكفارة لان اعتاق عبدين بين رجلين يوجب تفريق العتق في شخصين فلا يحصل لكل واحد منهما عتق كامل لانعدام كمال الملك له في كل واحد منهما فالواجب عليه صرف عتق كامل إلى شخص واحد فإذا فرقه لا يجوز كما لو أعطى طعام مسكين واحد إلى مسكينين بخلاف شاتين بين رجلين ذكياهما عن نسكيهما أجزأهما لان الشركة في النسك جائزة إذا صاب كل واحد منهما مقدار شاة بدليل انه يجوز بدنة واحدة لسبعة فكان الشرط في باب النسك أن يكون مقدار شاة وقد وجد وعلى هذا يخرج ما إذا أعتق عبدا بينه وبين غيره وهو موسر أو معسر انه لا يجوز عن الكفارة عند أبي حنيفة رضي الله عنه لنقصان الملك والعتق لان العتق يتجزأ عنده وعندهما إن كان موسرا يجوز وإن كان معسرا لا يجوز لأنه تجب السعاية على العبد إذا كان معسرا فيكون اعتاقا بعوض وإذا كان موسرا لا سعاية على العبد (ومنها) أن تكون الرقبة كاملة الرق لان المأمور به تحرير رقبة مطلقا والتحرير تخليص عن الرق فيقتضى كون الرقبة مرقوقة مطلقة ونقصان الرق فوات جزء منه فلا تكون الرقبة مرقوقة مطلقة فلا يكون تحريرها مطلقا فلا يكون آتيا بالواجب وعلى هذا يخرج تحرير المدبر وأم الولد عن الكفارة وانه لا يجوز لنقصان رقهما لثبوت الحرية من وجه أو حق الحرية بالتدبير والاستيلاد حتى امتنع مليكها بالبيع والهبة وغيرهما (وأما) تحرير المكاتب عن الكفارة فجائز استحسانا إذا كان لم يؤد شيئا من بدل الكتابة والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر والشافعي رحمهما الله ولو كان أدى شيئا من بدل الكتابة لا يجوز تحريره عن الكفارة في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنهما انه يجوز ولو عجز عن أداء بدل الكتابة ثم أعتقه جاز بلا خلاف سواء كان أدى شيئا من بدل الكتابة أو لم يؤد (وجه) القياس ان الاعتاق إزالة الملك وملك المولى من المكاتب زائل إذ الملك عبارة عن القدرة الشرعية على التصرفات الحسية والشرعية من الاستخدام والاستفراش والبيع والهبة والإجارة ونحوها وهذه القدرة زائلة عن المولى في حق المكاتب فإنه لا يملك شيئا من ذلك عليه والدليل انه لو قال كل مملوك لي حر لا يدخل فيه المكاتب وكذا لو وطئت المكاتبة بشبهة كان العقر لها لا للمولى وإذا جنى على المكاتب كان الأرش له لا للمولى فدل ان ملكه زائل فلا يجوز اعتاقه في الكفارة ولهذا نسلم له الأولاد والاكساب ولا يسلم ذلك بالاعتاق المبتدأ فدل ان العتق يثبت بجهة الكتابة (ولنا) لبيان ان الملك ملك المولى النص ودلالة الاجماع والمعقول (اما) النص فقول النبي عليه الصلاة والسلام المكاتب عبد ما بقي عليه درهم والعبد المضاف إلى العباد اسم للمملوك من بني آدم في عرف اللغة والشرع ولهذا لو قال كل عبد لي فهو حر دخل فيه المكاتب والله جل وعلا أعلم (وأما) دلالة الاجماع فإنه لو أدى بدل الكتابة أو أبرأه المولى عن البدل يعتق ولا عتق فيما لا يملكه ابن آدم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٠٧)