بالشفعة فأما ضرر الجوار فليس بلازم بل هو ممكن الدفع بالرفع إلى السلطان والمقابلة بنفسه فلا حاجة إلى دفعه بالشفعة (ولنا) ما روى أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ارض بيعت وليس لها شريك ولها جار فقال عليه الصلاة والسلام الجار أحق بشفعتها وهذا نص في الباب وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الجار أحق بصقبه والصقب الملاصق أي أحق بما يليه وبما يقرب منه وروى الجار أحق بشفعته وهذا نص في الباب ولان حق الشفعة بسبب الشركة إنما يثبت لدفع اذى الدخيل وضرره وذلك متوقع الوجود عند المجاورة فورود الشرع هناك يكون ورودا هنا دلالة وتعليل النص بضرر القسمة غير سديد لان القسمة ليست بضرر بل هي تكميل منافع الملك وهي ضرر غير واجب الدفع لان القسمة مشروعة ولهذا لم تجب الشفعة بسبب الشركة في العروض دفعا لضرر القسمة (وأما) قوله يمكن دفع الضرر بالمقابلة بنفسه والمرافعة إلى السلطان فنقول وقد لا يندفع بذلك ولو اندفع فالمقابلة والمرافعة في نفسها ضرر وضرر الجار السوء يكثر وجوده في كل ساعة فيبقى في ضرر دائم واما الحديث فليس في صدره نفى الشفعة عن المقسوم لان كلمة إنما لا تقتضي نفى غير المذكور قال الله تبارك وتعالى إنما انا بشر مثلكم وهذا لا ينفى أن يكون غيره عليه الصلاة والسلام بشرا مثله وآخره حجة عليه لأنه علق عليه الصلاة والسلام سقوط الشفعة بشرطين وقوع الحدود وصرف الطرق والمعلق بشرطين لا يترك عند وجود أحدهما وعنده يسقط بشرط واحد وهو وقوع الحدود وان لم تصرف الطرق ثم هو مؤول وتأويله فإذا وقعت الحدود فتباينت وصرفت الطرق فتباعدت فلا شفعة أو لا شفعة مع وجود من لم ينفصل حده وطريقه أو فلا شفعة بالقسمة كما لا شفعة بالرد بخيار الرؤية لان في القسمة معنى المبادلة فكان موضع الاشكال فأخبر انه لا شفعة ليزول الاشكال والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب (وأما) بيان كيفية السبب فالكلام فيه في موضعين أحدهما يعم حال انفراد الأسباب واجتماعها والثاني يخص حالة الاجتماع (اما) الذي يعم الحالين جميعا فهو ان السبب أصل الشركة لا قدرها واصل الجوار لا قدره حتى لو كان للدار شريك واحدا وجار واحد اخذ كل الدار بالشفعة كثر شركته وجواره أو قل وعلى هذا يخرج قول أصحابنا رضي الله عنهم في قسمة الشفعة بين الشركاء عند اتحاد السبب وهو الشركة أو الجوار انها تقسم على عدد الرؤوس لا على قدر الشركة وعند الشافعي رحمه الله على قدر الشركة في ملك المبيع حتى لو كانت الدار بين ثلاثة نفر لأحدهم نصفها وللآخر ثلثها ولآخر سدسها فباع صاحب النصف نصيبه كانت الشفعة بين الباقين نصفين عندنا على عدد الرؤس وعنده اثلاث ثلثاه لصاحب الثلث وثلثه لصاحب السدس على قدر الشركة (وجه) قوله إن حق الشفعة من حقوق الملك لأنه ثبت لتكميل منافع الملك فيتقدر بقدر الملك كالثمرة والغلة (ولنا) ان السبب في موضع الشركة أصل الشركة وقد استويا فيه فيستويان في الاستحقاق والدليل على أن السبب أصل الشركة دلالة الاجماع والمعقول اما دلالة الاجماع فلان الشفيع إذا كان واحدا يأخذ كل الدار بالشفعة ولو كان السبب قدر الشركة لتقدر حق الاخذ بقدرها واما المعقول فلان حق الشفعة إنما يثبت لدفع اذى الدخيل وضرره والضرر لا يندفع الا بأخذ كل الدار بالشفعة فدل ان سبب الاستحقاق في الشركة هو أصل الشركة وقد استويا فيه فبعد ذلك لا يخلو اما ان يأخذ أحدهما الكل دون صاحبه واما ان يأخذ كل واحد منهما الكل لا سبيل إلى الأول لأنه ليس أحدهما بأولى من صاحبه ولا سبيل إلى الثاني لاستحالة تملك دار واحدة في زمان واحد من اثنين على الكمال فتنصف بينهما عملا بكمال السبب بقدر الامكان ومثل هذا جائز فان من هلك عن ابنين كان ميراثه بينهما نصفين لان بنوة كل واحد منهما سبب لاستحقاق كل الميراث الا انه لا يمكن اثبات الملك في مال واحد لكل واحد منهما على الكمال لتضايق المحل فينصف بينهما فكذا هذا وكذلك إذا كان لدار واحدة شفيعان جاران جوارهما على التفاوت بأن كان جوار أحدهما بخمسة أسداس الدار وجوار الاخر لسدسها كانت الشفعة بينهما نصفين لاستوائهما في سبب الاستحقاق وهو أصل الجوار وعلى هذا يخرج ما إذا كان للدار شفيعان فأسقط أحدهما الشفعة ان للآخر ان يأخذ كل الدار
(٥)