بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١١
فيما ليس ببيع ولا بمعنى البيع حتى لا تجب بالهبة والصدقة والميراث والوصية لان الاخذ بالشفعة يملك على المأخوذ منه بمثل ما ملك هو فإذا انعدم معنى المعاوضة فلو اخذ الشفيع فاما ان يأخذ بالقيمة واما ان يأخذ مجانا بلا عوض لا سبيل إلى الأول لان المأخوذ منه لم يملكه بالقيمة ولا سبيل إلى الثاني لان الحد على التبرع ليس بمشروع فامتنع الاخذ أصلا وإن كانت الهبة بشرط العوض فان تقابضا وجبت الشفعة لوجود معنى المعاوضة عند التقابض وان قبض أحدهما دون الاخر فلا شفعة عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر تجب الشفعة بنفس العقد وهذا بناء على أصل وهو ان الهبة بشرط العوض عندنا تبرع ابتداء معاوضة انتهاء وعنده معاوضة ابتداء وانتهاء ودلائل هذا الأصل في كتاب الهبة نذكرها هناك إن شاء الله تعالى ولو وهب عقارا من غير شرط العوض ثم إن الموهوب له عوضه من ذلك دارا فلا شفعة في الدارين لا في دار الهبة ولا في دار العوض لان اعطاء دار العوض هبة مبتدأة الا انها اختصت بالمنع من الرجوع الا أن تكون عوضا حقيقة بدليل انه لو وهب عشرة دراهم فعوضه بخمسة جاز ولو كان عوضا حقيقة لما جاز لأنه يكون ربا دل ان الثاني ليس بعوض عن الأول حقيقة فلم يكن هذا معاوضة بل كان هبة مبتدأة فلم تجب به الشفعة وتجب الشفعة في الدار التي هي بدل الصلح سواء كان الصلح على الدار عن اقرار أو انكار أو سكوت لوجود معنى المعاوضة (أما) في الصلح عن اقرار فظاهر لان المدعى ملك المدعى في حق المدعى والمدعى عليه فكانت الدار التي هي بدل الصلح عوضا عن ملك ثابت في حقهما جميعا فيتحقق معنى المعاوضة في هذا الصلح (وأما) في الصلح عن انكار فلان عند المدعى انه أخذ الدار عوضا عن ملكه الثابت فكان الصلح معاوضة في حقه وكان للشفيع فيها حق الشفعة وكذا في الصلح عن سكوت المدعى عليه لان المدعى إن كان محقا في دعواه كان بدل الصلح عوضا عن ملكه حقيقة وإن كان مبطلا كان عوضا عن ملكه في زعمه فيتحقق معنى المعاوضة في زعمه وكذا تجب الشفعة في الدار المصالح عنها عن اقرار لوجود معنى المعاوضة في هذا الصلح من الجانبين جميعا (وأما) عن انكار فلا تجب به الشفعة لان في زعم المدعى عليه ان الدار المدعاة ملكه وإنما بذل المال لدفع الخصومة الباطلة فلا يتحقق معنى المعاوضة في حقه فلم يكن للشفيع أن يأخذها منه بالشفعة للحال ولكنه يقوم مقام المدعى في إقامة الحجة فان أقام البينة على صاحب اليد ان الدار كانت للمدعى أو حلف المدعى عليه فنكل فله الشفعة لأنه تبين ان الصلح وقع معاوضة حقيقة وان لم تقم له الحجة فلا شفعة له وكذلك لا تجب الشفعة في الدار المصالح عنها عن سكوت لان المدعى إن كان محقا في دعواه كان الصلح معاوضة فتجب الشفعة وإن كان مبطلا لم يكن معاوضة في حق المدعى عليه فلا تجب الشفعة مع الاحتمال لان الحكم كما لا يثبت بدون شرطه لا يثبت مع وجود الشك في شرطه لان غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك ولو كان بدل الصلح منافع فلا شفعة في الدار المصالح عنها سواء كان الصلح عن انكار أو اقرار لان بدل الصلح ليس بعين مال فلم يكن هذا الصلح معاوضة عين المال بعين المال وهذا من شرائط ثبوت الشفعة على ما نذكره إن شاء الله تعالى ولو اصطلحا على أن يأخذ المدعى عليه الدار ويعطيه دار أخرى فإن كان الصلح عن انكار تجب في كل واحدة من الدارين الشفعة بقيمة الدار الأخرى لان الصلح إذا كان عن انكار كان الصلح على معاوضة دار بدار وإن كان عن اقرار لا يصح الصلح ولا تجب الشفعة في الدارين جميعا لأنهما جميعا ملك المدعى ولو اشترى دارا فسلم الشفيع الشفعة ثم رد المشترى الدار بخيار الرؤية أو شرط قبل القبض أو بعده فأراد الشفيع ان يأخذ الدار بالشفعة بسبب الرد لم يكن له ذلك لان الرد بخيار الرؤية والشرط ليس في معنى البيع الا ترى انه يرد من غير رضا البائع بل هو فسخ محض في حق الكل ورفع العقد من الأصل كأنه لم يكن فيعود إليه قديم ملكه فلم يتحقق معنى البيع فلا تجب الشفعة وكذا لو رد عليه بعيب قبل القبض أو بعده بقضاء القاضي لان الرد بقضاء القاضي فسخ مطلق وإن كان بغير قضاء القاضي فللشفيع الشفعة لان الرد بغير قضاء بيع جديد في حق ثالث وكذا الإقالة قبل القبض أو بعده لأنها بيع جديد في حق ثالث ولا تجب الشفعة في القسمة وإن كان فيها معنى المعاوضة لأنها ليست
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306