بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ٨
لم يكن خصما عندهما وعند أبي يوسف يكون خصما كما في البيع ولو وهب المشترى نصف الدار مقسوما وسلمه إلى الموهوب له ثم حضر الشفيع وأراد أن يأخذ النصف الباقي بنصف الثمن ليس له ذلك ولكنه يأخذ جميع الدار بجميع الثمن أو يدع لان في اخذ البعض دون البعض تفريق الصفقة على المشترى وإذا اخذ الكل بطلت الهبة وكان الثمن كله للمشترى لا للموهوب له ولو اشترى دارا بألف ثم باعها بألفين فعلم الشفيع بالبيع الثاني ولم يعلم بالبيع الأول فأخذها بقضاء أو بغير قضاء ثم علم أن البيع الأول كان بألف فليس له ان ينقض اخذه لأنه لما اخذها بالبيع الثاني فقد ملكها وحق التمليك بالبيع الأول بعد ثبوت الملك له لا يتصور فسقط حقه في الشفعة في البيع الأول ضرورة ثبوت الملك له والثابت ضرورة يستوى فيه العلم والجهل فان اشتراها بألف ثم زاده في الثمن ألفا فعلم الشفيع بالألفين ولم يعلم أن الألف زيادة فأخذها بألفين فإذا اخذ بقضاء القاضي أبطل القاضي الزيادة وقضى له بالألف لان الزيادة غير ثابتة شرعا في حق الشفيع فكان القضاء بالزيادة قضاء بما ليس بثابت فيبطلها القاضي وان اخذها بغير قضاء فليس له ان ينقض اخذه لان الاخذ بغير قضاء بمنزلة شراء مبتدأ فسقط حقه في الشفعة ولو كان المشترى حين اشتراه بألف ناقضه البيع ثم اشتراه بألفين فأخذ الشفيع بألفين ولم يعلم بالبيع الأول ثم علم به لم يكن له ان ينقضه سواء كان بقضاء أو بغير قضاء لأنه اجتمع بيعان لا يمكن الاخذ بهما فإذا اخذ بأحدهما انتقض الاخر والله عز وجل أعلم وإذا كان للدار جاران أحدهما غائب والاخر حاضر فخاصم الحاضر إلى قاض لا يرى الشفعة بالجوار فأبطل شفعته ثم حضر الغائب فخاصمه إلى قاض يرى الشفعة قضى له بجميع الدار لان قضاء القاضي الأول صادف محل الاجتهاد فنفذ وبطلت شفعة الحاضر فبقي حق الغائب في كل الدار لوجود سبب استحقاق الكل فيأخذ الكل بالشفعة ولو كان القاضي الأول قال أبطلت كل الشفعة التي تتعلق بهذا البيع لم تبطل شفعة الغائب كذا قاله محمد وهو صحيح لأنه قضاء على الغائب وانه لا يجوز والله سبحانه وتعالى اعلم (وأما) الذي يخص حالة الاجتماع فهو ان أسباب استحقاق الشفعة إذا اجتمعت يراعى فيها الترتيب فيقدم الأقوى فالأقوى فيقدم الشريك على الخليط والخليط على الجار لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من غيره ولان المؤثر في ثبوت حق الشفعة هو دفع ضرر الدخيل واذاه وسبب وصول الضرر والأذى هو الاتصال والاتصال على هذه المراتب فالاتصال بالشركة في عين المبيع أقوى من الاتصال بالخلط والاتصال بالخلط أقوى من الاتصال بالجوار والترجيح بقوة التأثير ترجيح صحيح فان سلم الشريك وجبت للخليط وان اجتمع خليطان يقدم الأخص على الأعم وان سلم الخليط وجبت للجار لما قلنا وهذا جواب ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه إذا سلم الشريك فلا شفعة لغيره (وجه) رواية أبي يوسف ان الحق عند البيع كان للشريك لا لغيره الا ترى أن غيره لا يملك المطالبة فإذا سلم سقط الحق أصلا والصحيح جواب ظاهر الرواية لان كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة سبب صالح للاستحقاق الا أنه يرجح البعض على البعض لقوة في التأثير على ما بينا فإذا سلم الشريك التحقت شركته بالعدم وجعلت كأنها لم تكن فيراعى الترتيب في الباقي كما لو اجتمعت الخلطة والجوار ابتداء وبيان هذا في مسائل دار بين رجلين في سكة غير نافذة طريقها من هذه السكة باع أحدهما نصيبه فالشفعة لشريكه لان شركته في عين الدار وشركة أهل السكة في الحقوق فكان الشريك في عين الدار أولى بالشفعة فإذا سلم فالشفعة لأهل السكة كلهم يستوى فيه الملاصق وغير الملاصق لأنهم كلهم خلطاء في الطرق فان سلموا فالشفعة للجار الملاصق وعلى ما روى عن أبي يوسف إذا سلم الشريك سقطت الشفعة أصلا ولو انشعبت من هذه السكة سكة أخرى غير نافذة فبيعت دار فيها فالشفعة لأهل هذه السكة خاصة لان خلطة أهل هذه السكة السفلى أخص من خلطة أهل السكة العليا ولو بيعت دار في السكة العليا استوى في شفعتها أهل السكة العليا وأهل السكة السفلى لان خلطتهم في السكة العليا سواء فيستوون في الاستحقاق وقال محمد رحمه الله أهل الدرب يستحقون الشفعة بالطريق إذا كان ملكهم أو كان فناء غير مملوك اما إذا كان ملكا لهم فظاهر
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306