الثاني (أما) الاخذ بالبيع الأول فلان حق الحاضر في الشفعة قد بطل بالشراء من المشترى لكون الشراء منه دليل الاعراض فزالت المزاحمة الموجبة للقسمة فبقي حق الغائب في كل الدار فيأخذ الكل بالبيع الأول ان شاء بخلاف الشفيع إذا اشترى الدار المشفوعة من صاحبها انه لا تبطل شفعته لان البطلان بالاقدام على الشراء ولا حق له قبل الشراء ليبطل به (واما) الاخذ بالبيع الثاني فلان البيع الثاني وجد ولا حق للحاضر في الشفعة لصيرورته معرضا بالشراء فيظهر حق الاخذ بالكل ولو كان المشترى الأول شفيعا للدار فاشتراها الشفيع الحاضر منه ثم قدم الغائب فان شاء اخذ نصف الدار بالبيع الأول وان شاء اخذ كلها بالبيع الثاني (اما) اخذ النصف بالبيع الأول فلان المشترى الأول لم يثبت له حق قبل الشراء حتى يكون بشرائه معرضا عنه فإذا باعه من الشفيع الحاضر لم يثبت للغائب الا مقدار ما كان يخصه بالمزاحمة مع الأول وهو النصف وأما أخذ الكل بالعقد الثاني فلان السبب عند البيع الأول أوجب الشفعة للكل في الدار وقد بطل حق الشفيع الحاضر بالشراء لكون الشراء دليل الاعراض فبقي حق المشترى الأول والغائب في كل الدار فيقسم بينهما للتزاحم فيأخذ الغائب نصف الدار بالبيع الأول ان شاء وان شاء اخذ الكل بالعقد الثاني لان السبب عند العقد الثاني أوجب للشفيع حق الشفعة ثم بطل حق الشفيع الحاضر عند العقد الأول ولم يتعلق باقدامه على الشراء الثاني بعقده حق لاعراضه فكان للغائب ان يأخذ كل الدار بالعقد الثاني ولو كان المشترى الأول أجنبيا اشتراها بألف فباعها من أجنبي بألفين ثم حضر الشفيع فالشفيع بالخيار ان شاء اخذ بالبيع الأول وان شاء اخذ بالبيع الثاني لوجود سبب الاستحقاق وشرطه عند كل واحد من البيعين فكان له الخيار فان اخذ بالبيع الأول سلم الثمن إلى المشترى الأول والعهدة عليه وينفسخ البيع الثاني ويسترد المشترى الثاني الثمن من الأول وان أخذ بالبيع الثاني تم البيعان جميعا والعهدة على الثاني غير أنه ان وجد المشترى الثاني والدار في يده فله ان يأخذ بالبيع الثاني سواء كان المشترى الأول حاضرا أو غائبا وان أراد أن يأخذ بالبيع الأول فليس له ذلك حتى يحضر المشترى الأول والثاني هكذا ذكر القاضي الامام الاسبيجابي عليه الرحمة في شرحه مختصر الطحاوي ولم يحك خلافا وذكر الكرخي عليه الرحمة ان هذا قول أبي حنيفة ومحمد عليهما الرحمة وعند أبي يوسف رحمه الله حضرة الأول ليست بشرط وللشفيع ان يأخذ من الذي في يده ويدفع إليه ألفا ويقال له اتبع الأول وخذ منه ألفا وإن كان الثاني اشتراه بألف يؤخذ منه ويدفع إليه ألفا (وجه) قول أبى يوسف ان حق الشفعة حق متعلق بعين الدار فلا يشترط لاستيفائه حضرة المشترى (وجه) قولهما أن الاخذ من غير حضرة المشترى الأول يكون قضاء على الغائب لان الاخذ بالبيع الأول يوجب انفساخ البيع الأول على المشترى الأول على ما نذكره في موضعه إن شاء الله تبارك وتعالى فيكون قضاء على الغائب من غير أن يكون عنه خصم حاضر وانه لا يجوز وقوله حق الشفعة متعلق بالعين ممنوع بل لا حق في العين وإنما الثابت حق التمليك على المشترى فلا بد من حضرته ولو كان المشترى باع نصف الدار ولم يبع جميعها فجاء الشفيع وأراد أن يأخذ بالبيع الأول اخذ جميع الدار ويبطل البيع في النصف الثاني من المشترى الثاني لان سبب استحقاق الجميع وشرطه موجود عند البيع الأول فإذا أخذ الكل بالبيع الأول انفسخ البيع في النصف الثاني من المشترى لأنه تبين انه تقدم على حق الشفيع في قدر النصف وان أراد ان يأخذ النصف بالبيع الثاني فله ذلك لان شرط الاستحقاق وهو البيع وجد في النصف وبطلت شفعته في النصف الذي في يد المشترى الأول لوجود دليل الاعراض ولو كان المشترى لم يبع الدار ولكنه وهبها من رجل أو تصدق بها على رجل وقبضها الموهوب له أو المتصدق عليه ثم حضر الشفيع والمشترى والموهوب له حاضران اخذها الشفيع بالبيع لا بالهبة لان كون العقد معاوضة من شرائط الاستحقاق على ما نذكره إن شاء الله تعالى ولا بد من حضرة المشترى حتى لو حضر الشفيع ووجد الموهوب له فلا خصومة معه حتى يجد المشترى فيأخذها بالبيع الأول والثمن للمشترى وتبطل الهبة كذا ذكر القاضي من غير خلاف وأما الكرخي فقد جعله على الخلاف الذي ذكرنا ان الذي في يده الدار وهو الموهوب له
(٧)