(ومنها) أن يكون مقدور التسليم من غير ضرر يلحق البائع فإن لم يمكن تسليمه الا بضرر يلزمه فالبيع فاسد لان الضرر لا يستحق بالعقد ولا يلزم بالتزام العاقد الا ضرر تسليم المعقود عليه فاما ما وراءه فلا وعلى هذا يخرج ما إذا باع جذعا له في سقف أو آجرا له في حائط أو ذراعا في ديباج أو كرباس أنه لا يجوز لأنه لا يمكنه تسليمه الا بالنزع والقطع وفيه ضرر بالبائع والضرر غير مستحق بالعقد فكان هذا على هذا التقدير بيع ما لا يجب تسليمه شرعا فيكون فاسدا فان نزعه البائع أو قطعه وسلمه إلى المشترى قبل أن يفسخ المشترى البيع جاز البيع حتى يجبر المشترى على الاخذ لان المانع من الجواز ضرر البائع بالتسليم فإذا سلم باختياره ورضاه فقد زال المانع فجاز البيع ولزم فرق بين هذا وبين بيع الألية في الشاة الحية والنوى في التمر والزيت في الزيتون والدقيق في الحنطة والبزر في البطيخ ونحوها أنه لا ينعقد أصلا حتى لو سلم لم يجز وقد ذكرنا وجه الفرق فيما تقدم والأصل المحفوظ ان ما لا يمكن تسليمه الا بضرر يرجع إلى قطع اتصال ثابت بأصل الخلقة فبيعه باطل وما لا يمكن تسليمه الا بضرر يرجع إلى قطع اتصال عارض فبيعه فاسد الا ان يقطع باختياره ويسلم فيجوز والقياس على هذا الأصل ان يجوز بيع الصوف على ظهر الغنم لأنه يمكن تسليمه من غير ضرر يلزمه بالجز الا انهم استحسنوا عدم الجواز للنص وهو ما روى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولان الجز من أصله لا يخلو عن الاضرار بالحيوان وموضع الجز فيما فوق ذلك غير معلوم فتجرى فيه المنازعة فلا يجوز ولو باع حلية سيف فإن كان يتخلص من غير ضرر يجوز وإن كان لا يتخلص الا بضرر فالبيع فاسد الا إذا فصل وسلم وعلى هذا بناء بين رجلين والأرض لغيرهما فباع أحدهما نصيبه من البناء لغير شريكه لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بضرر وهو نقض البناء وكذا زرع بين رجلين أو ثمار بينهما في أرض لهما حق الترك فيها إلى وقت الادراك فباع أحدهما نصيبه قبل الادراك لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بضرر صاحبه لأنه يجبر على القلع للحال وفيه ضرر به ولو باع بعد الادراك جاز لانعدام الضرر وكذا إذا كان الزرع كله لرجل ولم يدرك فباع الزرع لم يجز لأنه لا يمكن تسليمه الا بقطع الكل وفيه ضرر ولو كان بعد الادراك جاز لانعدام الضرر دار أو أرض بين رجلين مشاع غير مقسوم فباع أحدهما بيتا منها بعينه قبل القسمة أو باع قطعة من الأرض بعينها قبل القسمة لم يجز لا في نصيبه ولا في نصيب صاحبه أما في نصيبه خاصة فظاهر وأما في نصيب صاحبه فلان فيه اضرارا بصاحبه باحداث زيادة شركة ولو باع جميع نصيبه من الدار والأرض جاز لأنه لم يحدث زيادة شركة وإنما قام المشترى مقام البائع ولو باع اللؤلؤة في الصدفة ذكر الكرخي رحمه الله انه لا يجوز لأنه لا يمكن تسليمها الا بشق الصدفة وانه ضرر فيما وراء المعقود فصار كبيع الجذع في السقف وروى عن أبي يوسف انه يجوز لأنه لا يتضرر بشق الصدفة لان الصدف لا ينتفع به الا بالشق ولو باع قفيزا من هذه الصبرة أو عشرة دراهم من هذه النقرة جاز لأنه لا يتضرر بالفصل والتمييز وكذا لو باع القوائم على رؤس الأشجار أو باع الثمار على رؤس الأشجار بشرط القطع أو مطلقا جاز لما قلنا وكذا لو باع بناء الدار دون العرصة أو الأشجار القائمة على الأرض دون الأرض أو الزرع أو البقول القائمة قبل الجذ انه يجوز لأنه يمكنه تسليم هذه الأشياء من غير ضرر والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) الخلو عن الشروط الفاسدة وهي أنواع منها شرط في وجوده غرر نحو ما إذا اشترى ناقة على أنها حامل لان المشروط لا يحتمل الوجود والعدم ولا يمكن الوقوف عليه للحال لان عظم البطن والتحرك يحتمل أن يكون لعارض داء أو غيره فكان في وجوده غرر فيوجب فساد البيع لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وغرر والمنهى عنه فاسد وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رضي الله عنهما ان البيع بهذا الشرط جائز لان كونها حاملا بمنزلة شرط كون العبد كاتبا أو خياطا ونحو ذلك وذا جائر فكذا هذا ولو اشترى جارية على أنها حامل الا رواية فيه عن أصحابنا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز البيع قياسا على البهائم واليه أشار محمد رحمه الله في البيوع فإنه قال لو باع وتبرأ من حملها جاز البيع وليس هذا كالشرط وظاهر قوله وليس هذا كالشرط يشير إلى أن شرط الخيار فيه مفسد وقال بعضهم يجوز لان الحبل في الجواري عيب بدليل أنه لو اشترى
(١٦٨)