وجذ بأحدهما عيبا له أن يرد المعيب خاصة لأنه قبضهما وهما متفرقان فصارا كأنهما كانا متفرقين عند العقد وعلى هذا يخرج ما إذا اشترى شجرة أنه هل يدخل في شرائها أصلها وعروقها وأرضها فجملة الكلام فيه أن هذا لا يخلو من ثلاثة أوجه (اما) ان اشتراها بغير أرضها للقلع (واما) ان اشتراها بقرارها من الأرض للترك لا للقلع (واما) ان اشتراها ولم يذكر شيئا فان اشتراها بغير أرضها للقلع دخل فيها أصلها ويجبر المشترى على القلع وله أن يقلعها بأصلها لكن قلعا معتادا متعارفا وليس له أن يحفر الأرض إلى ما يتناهى إليه العروق لان المعروف بالعرف كالمشروط بالشرط الا إذا شرط البائع القطع على وجه الأرض فلا يدخل فيه أصلها أو لم يشترط لكن في القطع من أصلها ضرر بالبائع بأن كان بقرب حائطه أو على حافة نهره فيخاف الخلل على الحائط أو الشق في النهر فقطعها على وجه الأرض دون أصلها لان الضرر لا يستحق بالعقد فان قلع أو قطع ثم نبت من أصلها أو عروقها شجرة أخرى فهي للبائع لا للمشترى لأنه رضى أن يكون المبيع القدر المقطوع فيكون الباقي للبائع الا إذا قطع من أعلى الشجرة فالنابت يكون للمشترى لأنه نماء ملكه وان اشتراها بقرارها من الأرض للترك لا للقلع فيدخل فيها أرضها ولا يجبر على القلع لأنه ملك الشجرة مع موضعها فلم يكن ملك البائع مشغولا به فلا يملك اجباره على القلع وله أن يغرس مكانها أخرى لأنه يغرس في ملك نفسه (وأما) إذا اشتراها من غير شرط القلع ولا الترك لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وذكر في غير رواية الأصول اختلافا بين أبى يوسف ومحمد رحمهما الله فقال على قول أبى يوسف لا تدخل الأرض في البيع وعلى قول محمد تدخل (وجه) قول محمد ان المسمى في البيع هو الشجرة وهي اسم للقائم على أرضها بعروقها فاما بعد القلع فهي خشب لا شجر فلا بد وأن تدخل الأرض فيه ولهذا دخلت في الاقرار بالاجماع بأن أقر لرجل بشجر في أرضه حتى كانت الشجرة مع أرضها للمقر له كذا هذا ولأبي يوسف ان الأرض أصل والشجرة تابعة لها ألا ترى انها تدخل في بيع الأرض من غير شرط تبعا للأرض فلو دخلت في بيع الشجرة لاستتبع التبع الأصل وهذا قلب الحقيقة وإنما دخلت في الاقرار بالشجرة لان الاقرار اخبار عن كائن فلا بد من كون سابق على الاقرار وهو قيامها في الأرض التي هي قرارها وذلك دليل كون الأرض للمقر له بسبب سابق فكان الاقرار بكون الشجرة له اقرارا بكون الأرض له أيضا ومثل هذه الدلالة لم توجد في البيع فلا يدخل والله سبحانه وتعالى أعلم ولو اشترى صدفة فوجد فيها لؤلؤة فهي للمشترى لأنها تتولد من الصدفة بمنزلة البيضة تتولد من الدجاجة فكانت بمنزلة أجزائها فتدخل في بيعها كما تدخل البيضة في بيع الدجاجة وكذلك إذا اشترى سمكة فوجد فيها لؤلؤة لان السمك يأكل الصدفة فصار كما لو اشترى سمكة فوجد فيها سمكة أخرى ان الثانية تكون له ولو اشترى دجاجة فوجد فيها لؤلؤة فهي للبائع لان اللؤلؤ لا يتولد من الدجاج ولا هو من علفها فلا يدخل في بيعها وروى عن أبي يوسف رحمه الله ان كل شئ يوجد في حوصلة الطير إن كان مما يأكله الطير فهو للمشترى لأنه يكون بمنزلة العلف له وإن كان مما لا يأكله الطير فهو للبائع وعلى هذا يخرج ما إذا باع رقيقا وله مال ان ماله لا يدخل في البيع ويكون للبائع الا ان يشترطه المبتاع لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال من باع عبدا وله مال فماله للبائع الا أن يشترط المبتاع وهذا نص في الباب ولان العبد وما في يده لمولاه لأنه مملوك لا يقدر على شئ والمولى ما باع ما في يد العبد لان الداخل تحت البيع هو العبد فلا يدخل في بيعه ما ليس منه والقياس أن لا تدخل ثياب بدنه كما لا يدخل اللجام والسرج والعذار في بيع الدابة لما قلنا لكنهم استحسنوا في ثياب البذلة والمهنة وهي التي يلبسها في اليوم والليلة لتعامل الناس وتعارفهم وأما الثياب النفيسة التي لا يلبسها الا وقت العرض للبيع فلا تدخل في البيع لانعدام التعارف في ذلك فبقي على أصل القياس وهذا مما يختلف باختلاف عرف الناس وعاداتهم في كل بلد فبنى الامر فيه على ذلك وكذا لو أعتق عبده على مال فماله لمولاه لما قلنا وكذا لو أعتق مدبره أو أم ولده لأنه مرقوق مملوك فلا يكون له مال ولو كاتب عبده فما كان له من المال وقت الكتابة يكون لمولاه لأنه كسب القن وما اكتسب بعد الكتابة يكون له لأنه كسب المكاتب ولأنه حر يدا فكان كسبه له والله سبحانه وتعالى أعلم
(١٦٧)