تعالى وعلى هذا الخلاف شراء الأعمى وبيعه جائز عندنا وقال الشافعي إذا ولد أعمى لا يجوز بيعه وشراؤه وإن كان بصيرا فرأى الشئ ثم عمى فاشتراه جاز وما قاله مخالف للحديث والاجماع (اما) الأول فإنه روى عن سيدنا عمر رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام حين قال لحبان بن منقد إذا بايعت فقل لا خلابة ولى الخيار ثلاثة أيام وكان حبان ضريرا (وأما) الاجماع فان العميان في كل زمان من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعوا من بياعاتهم وأشريتهم بل بايعوا في سائر الأعصار من غير إنكار وإذا جاز شراؤه وبيعه فله الخيار فيما اشترى ولا خيار له فيما باع في أصح الروايتين كالبصير ثم بماذا يسقط خياره نذكره في موضعه وعلى هذا الخلاف إذا اشترى شيئا مغيبا في الأرض كالجزر والبصل والفجل ونحوها انه يجوز عندنا وعنده لا يجوز ويثبت له الخيار إذا قلعه وعنده لا يجوز أصلا وأما بيان ما يحصل به العلم بالمبيع والثمن فنقول العلم بالمبيع لا يحصل الا بالإشارة إليه لان التعيين لا يحصل الا بها الا إذا كان دينا كالمسلم فيه فيحصل العلم به بالتسمية والعلم بالثمن لا يحصل الا بالتسمية والإشارة إليه عندنا مجاز عن تسمية جنس المشار إليه ونوعه وصفته وقدره على ما يعرف في موضعه إن شاء الله تعالى غير أن المبيع إن كان أصلا لابد من الإشارة إليه بطريق الأصالة ليصير معلوما وإن كان تبعا يصير معلوما بالإشارة إلى الأصل لان البيع كما لا يفرد بعلة على حدة لا يفرد بشرط على حدة إذ لو أفرد لانقلب أصلا وهذا قلب الحقيقة وبيان ذلك في مسائل إذا باع جارية حاملا من غير مولاها أو بهيمة حاملا دخل الحمل في البيع تبعا للام كسائر أطرافها وان لم يسمه ولا أشار إليه ولو باع عقارا دخل ما فيها من البناء والشجر بنفس البيع ولا يدخل الزرع والثمر الا بقرينة وجملة الكلام في بيع العقار ان المبيع لا يخلو من أن يكون أرضا أو كرما أو دارا أو منزلا أو بيتا وكل ذلك لا يخلو اما ان لم يذكر في بيعه الحقوق ولا المرافق ولا ذكر كل قليل وكثير منها واما ان ذكر شيئا من ذلك فإن كان المبيع أرضا ولم يذكر شيئا من القرائن دخل ما فيها من الأبنية والأشجار ولم يدخل الزرع والثمار عند عامة العلماء وقال مالك رحمه الله ثمار سائر الأشجار كذلك وكذلك ثمر النخل إذا أبر فاما إذا لم يؤبر يدخل واحتج بما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع الا أن يشترطها المبتاع قيد عليه الصلاة والسلام ملك البائع في الثمرة بوصف التأبير ولو لم يكن يختلف الحكم لم يكن للتقييد فائدة (ولنا) ما روى عن محمد رحمه الله في كتاب الشفعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع الا أن يشترطها المبتاع جعل عليه الصلاة والسلام الثمرة للبائع مطلقا عن وصف وشرط فدل ان الحكم لا يختلف بالتأبير وعدمه ولان النخل اسم لذات الشجرة فلا يدخل ما عداه الا بقرينة زائدة ولهذا لم يدخل ثمار سائر الأشجار ولا حجة له فيما روى لان تقييد الحكم بوصف لا يدل على أن الحكم في غير الموصوف بخلافه بل يكون الحكم فيه مسكوتا موقوفا على قيام الدليل وقد قام وهو ما روينا ولا يحمل المطلق على المقيد عندنا لما فيه من ضرب النصوص بعضها في بعض وهذا لا يجوز لما عرف في أصول الفقه وكذلك إن كان كرما يدخل في بيعه ما فيه من الزراعة والعرايش والحوائط من غير ذكر قرينة ولا تدخل الفواكه والبقول والأصل ان كل ما ركب في الأرض يدخل وما لم يركب فيها أو ركب لا للبقاء بل لوقت معلوم لا يدخل وكذا يدخل الطريق إلى الطريق الأعظم والطريق إلى سكة غير نافذة من غير ذكر قرينة وان ذكر شيئا من القرائن فان ذكر الحقوق أو المرافق دخل فيها الشرب ومسيل الماء والطريق الخاص الذي يكون في ملك انسان وهو حق المرور في ملكه ولا يدخل الزرع والثمر لأنها أعيان قائمة بنفسها فلا يتناولها اسم الحقوق والمرافق بخلاف الشرب والمسيل والتطرق فإنها عبارة عن حق الشرب والسقي والتسييل والمرور فيتناولها الاسم وان ذكر القليل والكثير بان قال بعتها منك بكل قليل وكثير هو فيها ومنها فهل يدخل الزرع والثمر ينظر ان قال في آخره من حقوقها فلا يدخلان لان قوله من حقوقها خرج تفسيرا لأول الكلام فكأنه نص على البيع بحقوقها وان لم يقل في آخره من حقوقها دخل فيه الزرع والثمر وكل ما كان متصلا به لان اسم القليل والكثير فيه ومنه يتناول ذلك وأما المنفصل عنها كالثمار المجذوذة والزرع المحصود والحطب
(١٦٤)