بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٧٠
المشترى فالبيع فاسد في ظاهر الرواية عن أصحابنا وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنهما أنه جائز وبه أخذ الشافعي رحمه الله (ووجه) هذه الرواية أن شرط الاعتقاد مما يلائم العقد لان الا عتاق انهاء الملك وانهاء الملك تقرير له فكان ملائما والدليل على أن الاعتاق انهاء للملك أن البيع ثبت مقتضى الامر بالاعتاق في قول الرجل أعتق عبدك عنى على ألف درهم فاعتق حتى يقع العتق عن الآمر ولا عتق الا بالملك ولا ملك الا بالتمليك فلو كان الاعتاق إزالة الملك لما تصور وجود الاعتاق مقتضاه لأنه ضده والشئ لا يقتضى ضده وإذا كان انهاء الملك كان تقريرا له فكان ملائما للعقد فلا يوجب فساده ولظاهر الرواية وجهان أحدهما يعم الكل والثاني يخص أبا حنيفة عليه الرحمة أما الأول فهو ان شرط العتق شرط لا يلائمه العقد لأن العقد يقتضى الملك والملك يقتضى اطلاق التصرف في المملوك تحصيلا وتركا وشرط الاعتاق يقتضى الاستحقاق واللزوم لا محالة فلا يلائمه بل يضاده وأما الثاني فلان هذا الشرط يلائم العقد من وجه ولا يلائمه من وجه وهذا يوجب الفساد على ما نذكر تقريره ثم إذا باع بهذا الشرط فاعتقه المشترى انقلب العقد جائزا بالاعتاق عند أبي حنيفة استحسانا حتى يجب على المشترى الثمن سواء أعتقه بعد القبض أو قبله هكذا روى ابن شجاع عن أبي حنيفة رحمهما الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله لا ينقلب جائزا حتى تلزمه قيمة الجارية وهو القياس وهكذا روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله (ووجهه) ظاهر لان البيع وقع فاسدا من حين وجوده وبالاعتاق لا ينعدم الفساد بل يتقرر لأنه انهاء للملك وأنه تقرير فيوجب تقرر الفساد للفاسد والفاسد يفيد الملك بالقيمة لا بالثمن ولهذا لو هلك العبد في يده قبل الاعتاق تلزمه القيمة وكذا لو باعه من رجل أو وهبه فعليه قيمته كذا ههنا ولأبي حنيفة رحمه الله ما ذكرنا أن شرط الاعتاق يلائم العقد من وجه ولا يلائمه من وجه لأنه انهاء من وجه وإزالة من وجه فمن حيث إنه انهاء كان يلائمه لأنه تقرير لكن من حيث إنه إزالة لا يلائمه لأنه تغيير موجب العقد فيجب العمل بالشبهين فعملنا بشبه الإزالة فقلنا بفساد العقد في الابتداء وعملنا بشبه الانهاء فقلنا بجوازه في الانتهاء عملا بالشبهين بقدر الامكان فان قيل لم لا يعمل بهما على القلب مما قلتم قيل لأنه لا يمكن لأنا لم نجد جائزا انقلب فاسدا في أصول الشريعة ووجدنا فاسدا انقلب جائزا كما في بيع الرقم ونحوه بخلاف ما إذا باع أو وهب لان ذلك ليس انهاء الملك وبخلاف ما إذا باع بشرط التدبير أو الاستيلاد فدبرها المشترى أو استولدها أن البيع لا ينقلب إلى الجواز لان التدبير والاستيلاد لا يوجبان انهاء الملك بيقين لاحتمال قضاء القاضي بجواز بيع المدبر وبجواز بيع أم الولد في الجملة فكان ذلك شرطا لا يلائم العقد أصلا فأوجب لزوم الفساد وكذا لو باع عبدا أو جارية بشرط أن لا يبيعه وأن لا يهبه وأن لا يخرجه عن ملكه فالبيع فاسد لان هذا شرط ينتفع به العبد والجارية بالصيانة عن تداول الأيدي فيكون مفسدا للبيع (وأما) فيما سوى الرقيق إذا باع ثوبا على أن لا يبيعه المشترى أو لا يهبه أو دابة على أن لا يبيعها أو يهبها أو طعاما على أن يأكله ولا يبيعه ذكر في المزارعة ما يدل على جواز البيع فإنه قال لو شرط أحد المزارعين في المزارعة على أن لا يبيع الآخر نصيبه ولا يهبه فالمزارعة جائزة والشرط باطل وهكذا روى الحسن في المجرد عن أبي حنيفة رحمه الله وفى الاملاء عن أبي يوسف أن البيع بهذا الشرط فاسد (ووجهه) أنه شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا جرى به التعارف بين الناس فيكون مفسدا كما في سائر الشرائط المفسدة والصحيح ما ذكر في المزارعة لان هذا شرط لا منفعة فيه لاحد فلا يوجب الفساد وهذا لان فساد البيع في مثل هذه الشروط لتضمنها الربا وذلك بزيادة منفعة مشروطة في العقد لا يقابلها عوض ولم يوجد في هذا الشرط لأنه لا منفعة فيه لاحد الا أنه شرط فاسد في نفسه لكنه لا يؤثر في العقد فالعقد جائز والشرط باطل ولو باع ثوبا على أن يحرقه المشترى أو دارا على أن يخربها فالبيع جائز والشرط باطل لان شرط المضرة لا يؤثر في البيع على ما ذكرنا ولو باع جارية على أن لا يطأها المشترى ذكر ذلك في الاختلاف بين أبى يوسف ومحمد رحمهما الله اختلافا ولم يذكر قول أبي حنيفة عليه الرحمة فقال البيع فاسد والشرط باطل عند أبي يوسف وعند محمد البيع جائز والشرط باطل ولو باع بشرط أن
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306