بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٥ - الصفحة ١٢٨
فقال له أبوه أجب محمدا فأسلم ثم مات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي أنقذ بي نسمة من النار ولان عيادة الجار قضاء حق الجوار وأنه مندوب إليه قال الله تبارك وتعالى والجار الجنب من غير فصل مع ما في العيادة من الدعوة إلى الايمان رجاء الايمان فكيف يكون مكروها ويكره الابتداء بالتسليم على اليهودي والنصراني لان السلام اسم لكل بر وخير ولا يجوز مثل هذا الدعاء للكافر الا أنه إذا سلم لا بأس بالرد عليه مجازاة له ولكن لا يزيد على قوله وعليك لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السلام عليكم فقولوا وعليك ولا بأس بدخول أهل الذمة المساجد عندنا وقال مالك رحمه الله والشافعي لا يحل لهم دخول المسجد الحرام احتج مالك رحمه الله بقوله عز وجل إنما المشركون نجس وتنزيه المسجد عن النجس واجب يحققه أنه يجب تنزيه المسجد عن بعض الطاهرات كالنخامة ونحوها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار فعن النجاسة أولى واحتج الشافعي رحمه الله بقوله جل وعلا (فلا يقربوا المسجد بعد عامهم هذا) خص المسجد الحرام بالنهي عن قربانه فيدل على اختصاص حرمة الدخول به ليكون التخصيص مفيدا (ولنا) أن المشركين من وفود العرب وغيرهم كانوا يدخلون المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روى أن أبا سفيان دخل المسجد عام الحديبية وكذا وفد ثقيف دخلوا المسجد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة من دخل المسجد فهو آمن جعل عليه الصلاة والسلام المسجد مأمنا ودعاهم إلى دخوله وما كان عليه الصلاة والسلام ليدعوا إلى الحرام (وأما) الآية الكريمة فالمراد أنهم نجس الاعتقاد والافعال لا نجس الأعيان إذ لا نجاسة على أعيانهم حقيقة وقوله عز وجل (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) نهى عن دخول مكة للحج لا عن دخول المسجد الحرام نفسه لقوله تعالى (وان خفتم عليلة فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء) ومعلوم ان خوف العيلة إنما يتحقق بمنعهم عن دخول مكة لا عن دخول المسجد الحرام نفسه لأنهم إذا دخلوا مكة ولم يدخلوا المسجد الحرام لا يتحقق خوف العيلة ولما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سيدنا عليا رضي الله عنه ينادى الا لا يحجن بعد هذا العام مشرك فثبت ان هذا نهى عن دخول مكة للحج الا أنه سبحانه وتعالى ذكر المسجد الحرام لما أن المقصد من اتيان مكة البيت والبيت في المسجد والله سبحانه وتعالى أعلم مسلم باع خمرا وأخذ ثمنها وعليه دين يكره لصاحب الدين أن يأخذه منه ولو كان البائع نصرانيا فلا بأس بأخذه (ووجه) الفرق أن بيع الخمر من المسلم باطل لأنها ليست بمتقومة في حق المسلم فلا يملك ثمنها فبقي على حكم ملك المشتري فلا يصح قضاء الدين به وإن كان البائع نصرانيا فالبيع صحيح لكونها مالا متقوما في حقه فملك ثمنها فصح قضاء الدين منه والله عز وجل أعلم رجل دعى إلى وليمة أو طعام وهناك لعب أو غناء جملة الكلام فيه ان هذا في الأصل لا يخلو من أحد وجهين أما أن يكون عالما ان هناك ذاك واما أن لم يكن عالما به فإن كان عالما به فإن كان من غالب رأيه أنه يمكنه التغيير يجيب لان إجابة الدعوى مسنونة قال النبي عليه الصلاة والسلام إذا دعى أحدكم إلى وليمة فليأتها وتغيير المنكر مفروض فكان في الإجابة إقامة الفرض ومراعاة السنة وإن كان في غالب رأيه أنه لا يمكنه التغيير لا بأس بالإجابة لما ذكرنا ان إجابة الدعوة مسنونة ولا تترك السنة لمعصية توجد من الغير ألا ترى أنه لا يترك تشييع الجنازة وشهود المأتم وإن كان هناك معصية من النياحة وشق الجيوب ونحو ذلك كذا ههنا وقيل هذا إذا كان المدعو اماما يقتدى به بحيث يتحرم ويحتشم منه فإن لم يكن فترك الإجابة والقعود عنها أولى وان لم يكن عالما حتى ذهب فوجد هناك لعبا أو غناء فان أمكنه التغيير غير وان لم يمكنه ذكر في الكتاب وقال لا بأس بان يقعد ويأكل قال أبو حنيفة رضي الله عنه ابتليت بهذا مرة لما ذكرنا أن إجابة الدعوة أمر مندوب إليه فلا يترك لأجل معصية توجد من الغير هذا إذا لم يعلم به حتى دخل فان علمه قبل الدخول يرجع ولا يدخل وقيل هذا إذا لم يكن اماما يقتدى به فإن كان لا يمكث بل يخرج لان في المكث استخفافا بالعلم والدين وتجرئة لأهل الفسق على الفسق وهذا لا يجوز وصبر أبي حنيفة رحمه الله محمول على وقت لم يصر فيه مقتدى به على الاطلاق ولو صار لما صبر ودلت المسألة على أن مجرد الغناء
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الاستصناع فصل أما صورة الاستصناع 2
2 فصل وأما جوازه 2
3 فصل وأما شرائط جوازه 3
4 فصل وأما حكم الاستصناع 3
5 فصل وأما صفة الاستصناع 3
6 كتاب الشفعة 4
7 فصل وأما شرائط وجوب الشفعة 10
8 فصل وأما بيان ما يتأكد به حق الشفعة 17
9 فصل وأما بيان ما يبطل به حق الشفعة 19
10 فصل وأما بيان طريق التملك بالشفعة 23
11 فصل وأما بيان شرط التملك 25
12 فصل وأما بيان ما يتملك بالشفعة 27
13 فصل وأما بيان من يتملك منه الشقص 30
14 فصل وأما بيان حكم اختلاف الشفيع 30
15 فصل وأما بيان الحيلة في اسقاط الشفعة 34
16 فصل وأما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط 35
17 كتاب الذبائح والصيود 35
18 فصل وأما بيان ما يكره من الحيوانات 39
19 فصل وأما بيان شرط حل الاكل في الحيوان 40
20 فصل وأما بيان ما يكره أكله من أجزاء الحيوان المأكول 61
21 كتاب الاصطياد كتاب التضحية 61
22 فصل وأما شرائط الوجوب 63
23 فصل واما وقت الوجوب 65
24 فصل وأما كيفية الوجوب 65
25 فصل وأما محل إقامة الواجب 69
26 فصل وأما شرائط جواز إقامة الواجب 71
27 فصل وأما بيان ما يستحب قبل التضحية وعندها وبعدها وما يكره 78
28 كتاب النذر فصل وأما شرائط الركن 81
29 فصل وأما حكم النذر 90
30 كتاب الكفارات 95
31 فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه الأنواع 96
32 فصل وأما شرائط وجوب كل نوع 97
33 فصل وأما شرط جواز كل نوع 99
34 كتاب الأشربة 112
35 كتاب الاستحسان 118
36 كتاب البيوع 133
37 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس العقد 136
38 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس المعقود عليه 138
39 فصل وأما شرائطها 153
40 فصل وأما ترتيب الولاية 155
41 فصل وأما شرائط الصحة 156
42 فصل وأما شرائط جريان الربا 192
43 فصل وأما شرائط الركن 201
44 فصل وأما الذي يرجع إلى المسلم فيه 207
45 فصل وأما الذي يرجع إلى البدلين جميعا 214
46 فصل وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه 214
47 فصل وأما الشرائط الخ 215
48 فصل وأما بيان رأس المال 222
49 فصل وأما بيان ما يلحق برأس المال 223
50 فصل وأما بيان ما يجب بيانه في المرابحة 223
51 فصل وأما حكم الخيانة إذا ظهرت 225
52 فصل وأما الاشراك فحكمه حكم التولية الخ 226
53 فصل وأما المواضعة الخ 228
54 فصل وأما شرائط لزوم البيع 228
55 فصل وأما بيان يكره من البياعات 228
56 فصل وأما ما يحصل به التفريق 231
57 فصل وأما صفة البيع 232
58 فصل وأما حكم البيع 233
59 فصل وأما بيان ما يرفع حكم البيع 306