بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٩٦
بالمستأجر كان هذا عيبا حدث بعد العقد قبل القبض وهذا يوجب الخيار في بيع العين كذا في الإجارة فلا فرق بينهما من حيث المعنى وإذا ثبت الخيار للمستأجر فإن لم يفسخ ومضى على ذلك إلى تمام المدة فعليه كمال الأجرة لأنه رضى بالمعقود عليه مع العيب فيلزمه جميع البدل كما في بيع العين إذا اطلع المشترى على عيب فرضى به وان زال العيب قبل أن يفسخ بان صح العبد وزال العرج عن الدابة وبنى المؤاجر ما سقط من الدار بطل خيار المستأجر لان الموجب للخيار قد زال والعقد قائم فيزول الخيار هذا إذا كان العيب مما يضر بالانتفاع بالمستأجر فإن كان لا يضر بالانتفاع به بقي العقد لازما ولا خيار للمستأجر كالعبد المستأجر إذا ذهبت احدى عينيه وذلك لا يضر بالخدمة أو سقط شعره أو سقط من الدار المستأجرة حائط لا ينتقع به في سكناها لأن العقد ورد على المنفعة لا على العين إذا الإجارة بيع المنفعة لا بيع العين ولا نقصان في المنفعة بل في العين والعين غير معقود عليها في باب الإجارة وتغير عين المعقود عليه لا يوجب الخيار بخلاف ما إذا كان العيب الحادث مما يضر بالانتفاع لأنه إذا كان يضر بالانتفاع فالنقصان يرجع إلى المعقود عليه فأوجب الخيار فله أن يفسخ ثم إنما يلي الفسخ إذا كان المؤاجر حاضرا فإن كان غائبا فحدث بالمستأجر ما يوجب حق الفسخ فليس للمستأجر أن يفسخ لان فسخ العقد لا يجوز الا بحضور العاقدين أو من يقوم مقامها وقال هشام عن محمد في رجل استأجر أرضا سنة يزرعها شيئا ذكره فزرعها فأصاب الزرع آفة من برد أو غيره فذهب به وتأخر وقت زراعة ذلك النوع فلا يقدر أن يزرع قال إن أراد أي يزرع شيئا غيره مما ضرره على الأرض أقل من ضرره أو مثل ضرره فله ذلك والا فسخت عليه الإجارة وألزمته اجر ما مضى لأنه إذا عجز عن زراعة ذلك النوع كان استيفاء الإجارة اضرار به قال وإذا نقص الماء عن الرحى حتى يطحن أقل من نصف طحنه فذلك عيب لأنه لا يقدر على استيفاء العقد الا بضرر وهو نقصان الانتفاع ولو انهدمت الدار كلها أو انقطع الماء عن الرحى أو انقطع الشرب عن الأرض فقد اختلفت إشارة الروايات فيه ذكر في بعضها ما يدل على أن العقد ينفسخ فإنه ذكر في إجارة الأصل إذا سقطت الدار كلها فله أن يخرج كان صاحب الدار شاهدا أو غائبا فهذا دليل الانفساخ حيث جوز للمستأجر الخروج من الدار مع غيبة المؤاجر ولو لم تنفسخ توقف جواز الفسخ على حضوره والوجه فيه أن المنفعة المطلوبة من الدار قد بطلت بالسقوط إذ المطلوب منها الانتفاع بالسكنى وقد بطل ذلك فقد هلك المعقود عليه فينفسخ العقد وذكر في بعضها ما يدل على أن العقد لا ينفسخ لكن يثبت حق الفسخ فإنه ذكر في كتاب الصلح إذا صالح على سكنى فانهدمت لم ينفسخ الصلح وروى هشام عن محمد فيمن استأجر بيتا وقبضه ثم انهدم فبناه الآجر فقال المستأجر بعد ما بناه لا حاجة لي فيه قال محمد ليس للمستأجر ذلك وكذلك لو قال المستأجر آخذه وأبى الآجر ليس للآجر ذلك وهذا يجرى مجرى النص على أن الإجارة لم تنفسخ ووجهه أن الدار بعد الانهدام بقيت منتفعا بها منفعة السكنى في الجملة بان يضرب فيها خيمة فلم يفت المعقود عليه رأسا فلا ينفسخ العقد على أنه ان فات كله لكن فات على وجه يتصور عوده وهذا يكفي لبقاء العقد كمن اشترى عبدا فابق قبل القبض والأصل فيه أن العقد المنعقد بيقين يبقى لتوهم الفائدة لان الثبت بيقين لا يزال بالشك كما أن غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك وذكر القدوري وقال الصحيح ان العقد ينفسخ لما ذكرنا أن المنفعة المطلوبة من الدار قد بطلت وضرب الخيمة في الدار ليس بمنفعة مطلوبة من الدار عادة فلا يعتبر بقاؤه لبقاء العقد وقال فيما ذكره محمد في البيت إذا بناه المؤاجر انه لما بناه تبين أن العقد لم ينفسخ حقيقة وان حكم بفسخه ظاهرا فيجبر على التسليم والقبض وليس يمنع الحكم بانفساخ عقد في الظاهر مع التوقف في الحقيقة كمن اشترى شاة فماتت في يد البائع فدبغ جلدها انه يحكم ببقاء العقد بعد الحكم بانفساخه ظاهرا بموت الشاة كذا ههنا وإذا بقي العقد يجبر على التسليم والتسلم وقبل البناء لا يعلم أن العقد لم ينفسخ حقيقة فيجب العمل بالظاهر وذكر محمد في السفينة إذا نقضت وصارت ألواحا ثم بناها المؤاجر انه لا يجبر على تسليمها إلى المستأجر فقد فرق بين السفينة وبين البيت ووجه الفرق أن العقد في السفينة قد انفسخ حقيقة لان الأصل فيها الصناعة وهي التركيب
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222