إذا كان النكاح صحيحا بل وإن كان فاسدا أي هذا إذا كان ذلك الفاسد مختلفا فيه بل ولو كان مجمعا على فساده، كما إذا عقد على أخته غير عالم بأنها أخته وادعى نفي حملها منه فلا بد من لعانهما إذا رفعت أمرها للقاضي وحكم به. قوله: (أو فسقا إلخ) أي هذا إذا كانوا صلحاء أحرارا بل ولو كانوا أرقاء أو فسقاء كالمحدودين خلافا لأبي حنيفة حيث قال: إن الفسقاء والأرقاء لا لعان بينهما واحتج بقوله تعالى: * (ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) * فجعلهم شهداء لان المستثنى من جنس المستثنى منه والشاهد لا يكون فاسقا ولا رقيقا. وأجيب بأن إلا ليست استثنائية حتى يكون ما بعدها من جنس ما قبلها بل هي اسم بمعنى غير صفة لشهداء، والمعنى ولم يكن لهم شهداء فيه غير قولهم. قوله: (راضين بحكمنا) أي وهو ثبوت اللعان فإن نكلت رجمت عند عيسى وهو ضعيف، وإنما قال بالرجم لوجود الاحصان لصحة نكاحهم عنده، وقال البغداديون: يلزمها الجلد لفساد أنكحتهم، وأما إن نكل حد حد القذف اتفاقا. قوله: (لاعن الكتابية) أي وجوبا لنفي الحمل أو الولد وجوازا للرؤية، فإن نكل أدب وإن نكلت هي لم تحد بل تؤدب، وهذا مخصص لقول المصنف الآتي وإيجابه على المرأة إذا نكلت لأنها أيمان كافر وهي قائمة مقام الشهادة ولا شهادة لكافر. قوله: (ولما كانت أسباب اللعان ثلاثة) أشار لأولها بقوله: إن قذفها بزنا، ولثانيها بقوله: وبنفي حمل، ولثالثها بقوله: وفي حده بمجرد القذف إلخ. قوله: (أو رفعته) أي للقاضي وهذا من جملة شروط اللعان. وقوله: لأنه أي لان قذفه لها من حقها. قوله: (وإلا فلا لعان) أي وإلا بأن كان تعريضا لا تصريحا أو كان تصريحا ولم ترفعه فلا لعان أي ويؤدب فيما إذا كان القذف تعريضا على الراجح، فإن تلاعن الزوجان من غير رفع للقاضي وحكمه به لم يكن لعانا شرعيا كما في ابن عرفة. قوله: (وسواء كان حصول الزنا) أي الذي قذفها به. قوله: (كذا قيل) قائله السخاوي في شرح الشامل. قوله: (كما في النقل) أي وعليه فيجعل قوله في زمن نكاحها راجعا لكل من قوله إن قذفها ولقوله بزنا أي إن قذفها في زمن نكاحه بزنا واقع فيه. قوله: (ووصف الزنا بقوله تيقنه إلخ) أي فالمعنى إن قذفها بزنا متيقن لأعمى ومرئي لغيره. قوله: (ورآه غيره) أي رأى الفعل الدال عليه لان الزنا معنى من المعاني وهو إدخال الذكر في الفرج والذي يرى فرجه داخلا في فرجها كالمرود في المكحلة ولا يشترط عند دعوى الرؤية أن يصف كالشهود بل يكفي اعتماده على تعيينه بالرؤية وإن لم يصفها كالبينة كذا في خش، وقيل: لا يلاعن إلا إذا وصف الرؤية بأن يقول: كالمرود في المكحلة، وقد ذكر ابن عرفة الطريقتين وصدر بالاشتراط وعبر عنه الآبي في شرح مسلم بالمشهور، ثم إن المراد بالرؤية في كلام المصنف الحقيقية كما هو ظاهر المدونة وغيرها لا العلم إذ العلم بدون رؤية سيذكر المصنف ما فيه من الخلاف في قوله الآتي، وفي حذه بمجرد القذف أو لعانه خلاف. قوله: (من أن تحقق البصير) أي ولو بغير رؤية كالجس والحس وإخبار الغير.
قوله: (لا يعول عليه) أي ونسبة خش وعبق هذا القول للمدونة لا تسلم انظر بن. قوله: (وانتفى إلخ) أي أنه إذا لاعنها بسبب الرؤية أو ما في معناها من العلم بالزنا فأتت بولد كامل لستة أشهر فأكثر من يوم الرؤية، فإن ذلك الولد ينتفي عنه بذلك اللعان وتعد غير بريئة الرحم يوم اللعان بل رحمها مشغول بالزنا، وأما إن أتت بولد لأقل من ستة أشهر لحق به ولا ينتفي عنه إلا بلعان ثان لان لعانه إنما كان لرؤية الزنا لا لنفي الولد ورحمها يوم اللعان كان مشغولا من الزوج، ومحل انتفاء ما ولدته بعد اللعان لستة أشهر من يوم الرؤية إذا لم تكن ظاهرة الحمل وقت الرؤية وإلا كان لاحقا به مثل ما ولدته لدون الستة أشهر وما في حكمها.
قوله: (أي بلعان التيقن برؤية) هذا بالنسبة للبصير. وقوله أو غيرها أي بالنسبة للأعمى على ما مر.